وَكَذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَمَرَ بِغَسْلِ النَّجَاسَةِ وَلَوْ كَانَ الْعَدَدُ وَاجِبًا لَذَكَرَهُ فِي جَوَابِ السَّائِلِ عَنِ التَّطْهِيرِ لِأَنَّهُ وَقْتُ حَاجَةٍ وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ إِزَالَةُ النَّجَاسَةِ فَإِذَا زَالَتْ لَمْ يَجِبِ الزِّيَادَةُ كَغَسْلِ الطِّيبِ عَنْ بَدَنِ الْمُحْرِمِ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَجِبُ أَنْ تُغْسَلَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كَمَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ الْقَائِمَ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ أَنْ يَغْسِلَ يَدَهُ ثَلَاثًا مُعَلِّلًا بِتَوَهُّمِ النَّجَاسَةِ، فَوُجُوبُ الثَّلَاثِ مَعَ تَحَقُّقِهَا أَوْلَى، وَاكْتَفَى فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ فَالِاجْتِزَاءُ بِثَلَاثِ غَسَلَاتٍ أَوْلَى.
وَرُوِيَ «عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَانَ يَغْسِلُ مَقْعَدَتَهُ ثَلَاثًا». قَالَ ابْنُ عُمَرَ: " فَعَلْنَاهُ فَوَجَدْنَاهُ دَوَاءً وَطَهُورًا " رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّهُ يَجِبُ التَّسْبِيعُ فِي جَمِيعِ النَّجَاسَاتِ وَهِيَ اخْتِيَارُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِذَلِكَ فِي نَجَاسَةِ الْكَلْبِ فَوَجَبَ إِلْحَاقُ سَائِرِ النَّجَاسَاتِ بِهَا لِأَنَّهَا فِي مَعْنَاهَا يُحَقِّقُ ذَلِكَ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَخْتَصُّ بِمَوْرِدِ النَّصِّ بَلْ قَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَلْحَقُ بِهِ الثَّوْبُ وَالْبَدَنُ وَغَيْرُهُمَا وَكَذَلِكَ أَلْحَقْنَا بِالرِّيقِ الْعَرَقَ وَالْبَوْلَ وَالْخِنْزِيرَ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ إِذَا وَجَبَ التَّسْبِيعُ فِي الْكَلْبِ مَعَ أَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي نَجَاسَتِهِ وَمُرَخَّصٌ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ فَفِي النَّجَاسَاتِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا، وَجَاءَ التَّغْلِيظُ بِهَا وَالْوَعِيدُ بِقَوْلِهِ: «تَنَزَّهُوا مِنَ الْبَوْلِ فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ» مَعَ أَنَّهَا لَا تَزُولُ غَالِبًا إِلَّا بِالسَّبْعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute