رَكْوَةً - أَوْ قَالَ: قَدَحًا - مَا تَسَعُ إِلَّا نِصْفَ الْمُدِّ أَوْ نَحْوَهُ، ثُمَّ أَبُولُ ثُمَّ أَتَوَضَّأُ، وَأُفْضِلُ مِنْهُ فَضْلًا " قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ فَقَالَ: وَأَنَا يَكْفِينِي مِثْلُ ذَلِكَ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَهَكَذَا سَمِعْنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " رَوَاهُ الْأَثْرَمُ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: " كَانُوا أَشَدَّ اسْتِبْقَاءً لِلْمَاءِ مِنْكُمْ، وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ رُبْعَ الْمُدِّ يُجْزِئُ مِنَ الْوُضُوءِ " رَوَاهُ سَعِيدٌ. وَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ زِيَادَةً يَسِيرَةً جَازَ. فَأَمَّا السَّرَفُ فَمَكْرُوهٌ جِدًّا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ، وَالصَّاعُ هُنَا كَصَاعِ الطَّعَامِ الْمَذْكُورِ فِي الْكَفَّارَاتِ وَالصَّدَقَاتِ، وَهِيَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ بِالْعِرَاقِيِّ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ صَاعَ الْمَاءِ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ وَالْمُدُّ رِطْلَانِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ أَنَسًا قَالَ: " «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَوَضَّأُ بِإِنَاءٍ يَكُونُ رِطْلَيْنِ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَلَفْظُهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «يُجْزِئُ فِي الْوُضُوءِ رِطْلَانِ مِنْ مَاءٍ» " وَهَذَا يُفَسِّرُ رِوَايَتَهُ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا: " «كَانَ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ» ". وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " «كُنْتُ أَغْتَسِلْ أَنَا وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ مِنْ قَدَحٍ يُقَالُ لَهُ: الْفَرَقُ» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَالْفَرَقُ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا بِالْعِرَاقِيِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute