ذَكَرْنَا، فَإِنَّ التَّمَسُّحَ بِالتُّرَابِ لَا يُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ فِيهِ عَلَى قَدْرِ الْكِفَايَةِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ إِطَالَةُ الْغُرَّةِ فِيهِ وَلَا تَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ وَلَا الزِّيَادَةُ عَلَى الْمَرَّةِ مِنْهُ، وَأَيْضًا فَإِنَّ مَا أَمْكَنَ جَمْعُهُمَا بِمَاءٍ وَاحِدٍ فِي الْوُضُوءِ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ مَائَيْنِ كَالْفَمِ وَالْأَنْفِ وَالرَّأْسِ وَالْأُذُنِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى الْقَصْدِ وَأَبْعَدُ عَنِ السَّرَفِ، فَمَا أَمْكَنَ جَمْعُهُمَا بِتُرَابٍ وَاحِدٍ أَوْلَى. وَإِذَا كَانَ مِنْ فِقْهِ الرَّجُلِ قِلَّةُ وُلُوعِهِ بِالْمَاءِ، فَقِلَّةُ وُلُوعِهِ بِالتُّرَابِ أَوْلَى، وَأَيْضًا فَإِنَّ التَّمَسُّحَ بِالتُّرَابِ فِي الْأَصْلِ مَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ مُلَوَّثٌ مُغَبَّرٌ بِخِلَافِ الْمَاءِ، وَإِنَّمَا اسْتُثْنِيَ مِنْهُ مَوْرِدُ الْعِبَادَةِ، فَالزِّيَادَةُ عَلَى الْكِفَايَةِ لَا مُقْتَضَى لَهُ. نَعَمْ أَجَزْنَا الضَّرْبَتَيْنِ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا أَجَزْنَا الْغَرْفَتَيْنِ وَالْمَائَيْنِ فِي الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ الضَّرْبَتَيْنِ مَظِنَّةُ الِاحْتِيَاجِ إِلَيْهِمَا؛ إِذْ قَدْ لَا يَكْفِي التُّرَابُ الْوَاحِدُ وَلَا يُمْكِنُ بِهِ، وَأَجَزْنَا الْمَسْحَ إِلَى الْمِرْفَقِ لِأَنَّهُ فِي الْجُمْلَةِ مَحَلُّ الطَّهَارَةِ مَعَ مَا جَاءَ فِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ، وَهَذَا الْقَدْرُ يُفِيدُ الْجَوَازَ لَا الْفَضِيلَةَ، وَأَمَّا الْخُرُوجُ مِنِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّمَا يُفْعَلُ احْتِيَاطًا إِذَا لَمْ تُعْرَفِ السُّنَّةُ وَلَمْ يَتَبَيَّنِ الْحَقُّ؛ لِأَنَّ مَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِعِرْضِهِ وَدِينِهِ، فَإِذَا زَالَتِ الشُّبْهَةُ وَتَبَيَّنَتِ السُّنَّةُ، فَلَا مَعْنَى لِمَطْلَبِ الْخُرُوجِ مِنَ الْخِلَافِ، وَلِهَذَا كَانَ الْإِيتَارُ بِثَلَاثٍ مَفْصُولَةٍ أَوْلَى مِنَ الْمَوْصُولَةِ، مَعَ الْخِلَافِ فِي جَوَازِهِمَا مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ، وَالْعَقِيقَةُ مُسْتَحَبَّةٌ أَوْ وَاجِبَةٌ مَعَ الْخِلَافِ فِي كَرَاهَتِهَا، وَإِشْعَارُ الْهَدْيِ سُنَّةٌ مَعَ الْخِلَافِ فِي كَرَاهَتِهِ وَالْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِ تَرْكِهِ، وَفَسْخُ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ لِمَنْ يُرِيدُ التَّمَتُّعَ أَوْلَى مِنَ الْبَقَاءِ عَلَيْهِ اتِّبَاعًا لِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الْخِلَافِ الشَّائِعِ فِي جَوَازِ ذَلِكَ، وَإِعْطَاءُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ أَفْضَلُ مَعَ الْخِلَافِ فِي جَوَازِهِ، وَتَرْكُ الْقِرَاءَةِ لِلْمَأْمُومِ فِي صَلَاةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute