وَأَمَّا الْعِيدُ فَلَا يَتَيَمَّمُ لِلْعِيدِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ التَّأَهُّبُ لَهُ قَبْلَ الذَّهَابِ.
وَأَمَّا مَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْوُضُوءُ كَرَدِّ السَّلَامِ وَنَحْوِهِ إِذَا خَشِيَ فَوْتَهُ إِنْ تَوَضَّأَ، فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ لَهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ ذَلِكَ.
الْفَصْلُ الثَّانِي:
أَنَّ الْعَاجِزَ عَنِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ لِعَدَمِهِ قِسْمَانِ:
أَحَدُهُمَا: مَا يَعْدَمُ فِيهِ الْمَاءَ كَثِيرًا وَهُوَ السَّفَرُ.
وَالثَّانِي: مَا يَنْدُرُ فِيهِ عُدْمُ الْمَاءِ. فَأَمَّا الْمُسَافِرُ فَيَتَيَمَّمُ فِي قَصِيرِ السَّفَرِ وَطَوِيلِهِ فِي الْمَشْهُورِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: ٦].
وَسَوَاءٌ كَانَ السَّفَرُ إِلَى قَرْيَةٍ أُخْرَى أَوْ أَرْضٍ مِنْ أَعْمَالِ مِصْرِهِ كَالْحَرَّاثِ وَالْحَصَّادِ وَالْحَطَّابِ وَأَشْبَاهِهِمْ، إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَلَا مَاءَ مَعَهُ وَلَا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ إِلَى الْمِصْرِ إِلَّا بِتَفْوِيتِ حَاجَتِهِ، وَفِيهِ وَجْهٌ: أَنَّهُ يُعِيدُ؛ لِأَنَّهُ فِي عَمَلِ مِصْرِهِ بِخِلَافِ مَنْ كَانَ فِي عَمَلِ قَرْيَةٍ أُخْرَى، وَسَوَاءٌ أَمْكَنَهُ حَمْلُ الْمَاءِ لِوُضُوئِهِ أَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِعْدَادَ لِلْوُضُوءِ قَبْلَ وُجُوبِهِ لَا يَجِبُ، وَعَنْهُ إِنَّمَا ذَلِكَ إِذَا لَمْ يُمْكِنْهُ حَمْلُ الْمَاءِ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ حَمْلُ مَاءٍ لِوُضُوئِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ التَّيَمُّمُ، وَسَوَاءٌ كَانَ سَفَرَ طَاعَةٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ لِأَنَّهُ عَزِيمَةٌ، وَلِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَخْتَصُّ بِالسَّفَرِ بَلْ يَجِبُ حَضَرًا وَسَفَرًا، وَيُخَرَّجُ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ رُخْصَةٌ مِنْ حَيْثُ عَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ، عَزِيمَةٌ مِنْ حَيْثُ وُجُوبِ فِعْلِ الصَّلَاةِ، فَيَجْمَعُ بَيْنَ الْعَزِيمَةِ وَوُجُوبِ الْقَضَاءِ الْمُتَبَقِّي بِسَبَبِ الرُّخْصَةِ، وَهَذَا يُشْبُهُ مَا إِذَا عَدِمَ الْمَاءَ بَعْدَ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ عَدِمَهُ بِسَبَبٍ مُحَرَّمٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute