يَرْفَعُ الْحَدَثَ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ، أَوْ لِأَنَّ الْآيَةَ خِطَابٌ لِلْمُحْدِثِينَ، وَالْمُتَيَمِّمُ دَاخِلٌ فِيهِمْ بِخِلَافِ الْمُتَوَضِّئِ، وَلِأَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ فَلَمْ يَجُزْ قَبْلَ الْوَقْتِ كَطَهَارَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ، وَلِأَنَّهُ حُكْمٌ مُقَيَّدٌ بِالضَّرُورَةِ فَتَقَيَّدَ بِقَدْرِهَا، كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ، وَلِأَنَّهُ هُوَ مُسْتَغْنٍ عَنْهُ فَلَمْ يَجُزْ كَتَيَمُّمِ الْوَاجِدِ لِلْمَاءِ مَعَ ظَاهِرِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «أَيْنَمَا أَدْرَكَتْنِي الصَّلَاةُ تَمَسَّحْتُ وَصَلَّيْتُ» " وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " «أَيْنَمَا أَدْرَكَتْ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي الصَّلَاةُ فَعِنْدَهُ مَسْجِدُهُ وَعِنْدَهُ طَهُورُهُ» " رَوَاهُمَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ.
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى مُخَرَّجَةٍ أَنَّهُ يُجْزِئُ كَالْمَاءِ، وَهَذَا فِي التَّيَمُّمِ لِلصَّلَاةِ، فَأَمَّا التَّيَمُّمُ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا تُبِيحُهُ الطَّهَارَةُ كَالطَّوَافِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَاللُّبْثِ فِي الْمَسْجِدِ وَالْحَائِضِ الْمُنْقَطِعِ دَمُهَا لِلْوَطْءِ، فَيَجُوزُ فِي كُلِّ وَقْتٍ يَجُوزُ فِعْلُهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا أَفْعَالٌ تُبِيحُهَا الطَّهَارَةُ بِالْمَاءِ فَأُبِيحَتْ بِالتُّرَابِ كَالصَّلَاةِ، وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ طَهُورُ الْمُسْلِمِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ» " فَإِذَا دَخَلَ الْوَقْتُ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيُصَلِّيَ سَوَاءٌ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَجِدُ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ أَوْ لَمْ يَغْلِبْ، وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ إِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ إِلَّا إِذَا تَيَقَّنَ وُجُودَ الْمَاءِ فِي الْوَقْتِ عَلَى رِوَايَةٍ تَقَدَّمَتْ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ. وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ «أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَا فِي سَفَرٍ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ مَعَهُمَا مَاءٌ، فَتَيَمَّمَا صَعِيدًا طَيِّبًا فَصَلَّيَا، ثُمَّ وَجَدَا الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ فَأَعَادَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُعِدِ الْآخَرُ، ثُمَّ أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute