وَثَالِثُهَا: إِنَّ وُجُودَ الْمُبْدَلِ مِنْهُ هُنَا يُبْطِلُ الْبَدَلَ فَلَا يُمْكِنُ إِتْمَامُهُ وَالِاكْتِفَاءُ بِهِ، وَهُنَاكَ وُجُودُ الرَّقَبَةِ وَالْهَدْيِ لَا يُبْطِلُ الصَّوْمَ، فَأَمْكَنَ إِجْزَاؤُهُ، فَنَظِيرُ هَذَا بَدَلٌ يَفْسُدُ بِوُجُودِ مُبْدَلِهِ.
وَرَابِعُهَا: أَنَّهُ مُنْتَقِضٌ بِالصَّغِيرَةِ إِذَا اعْتَدَّتْ بِالشُّهُورِ ثُمَّ حَاضَتْ فِي أَثْنَائِهَا لِتَنْتَقِلَ إِلَى الْمُبْدَلِ وَهُوَ الْأَقْرَاءُ، وَهَذَا نَصُّ أَحْمَدَ، وَإِلْحَاقُ مَسْأَلَتِنَا بِهَذَا أَوْلَى لِأَنَّ الْعِدَّةَ وَالصَّلَاةَ يُبْنَى آخِرُهُمَا عَلَى أَوَّلِهِمَا فَتَفْسُدُ بِفَسَادِهِ بِخِلَافِ الصِّيَامِ، وَأَمَّا إِبْطَالُ الصَّلَاةِ هُنَا فَهُوَ لَمْ يُبْطِلْهَا وَإِنَّمَا بَطَلَتْ بِحُكْمِ الشَّرْعِ، كَمَا لَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ أَوْ وَجَدَ السُّتْرَةَ يُعِيدُ مِنْهُ، وَلَوْ فَرَضْنَا أَنَّهُ أَبْطَلَهَا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ لِيَأْتِيَ بِهَا عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَحْذُورًا، فَإِذَا قُلْنَا: يَخْرُجُ، فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ الصَّلَاةَ بَعْدَ وُضُوئِهِ فِي الْمَنْصُوصِ، وَخَرَّجَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ رِوَايَةً: أَنَّهُ يَتَطَهَّرُ وَيَبْنِي كَمَا يَقُولُ فِيمَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَفَرَّقَ آخَرُونَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ بِأَنَّ هَذَا كَانَ الْمَانِعُ مَوْجُودًا حِينَ ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ الْحَدَثُ، وَإِنَّمَا جَازَتِ الصَّلَاةُ مَعَهُ بِالتَّيَمُّمِ إِذَا كَمُلَ مَقْصُودُهُ، وَهُنَا لَمْ يَكْمُلِ الْمَقْصُودُ فَيَبْقَى الْمَانِعُ بِحَالِهِ، بِخِلَافِ مَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ، وَكَذَلِكَ الطَّرِيقَانِ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ إِذَا انْقَطَعَ دَمُهَا فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، وَمَنِ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ عَارِيًا ثُمَّ وَجَدَ السُّتْرَةَ يُعِيدُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ الْمَاسِحُ إِذَا انْقَضَتْ مُدَّتُهُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ إِنْ قُلْنَا: الْمَسْحُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ، وَإِنْ قُلْنَا: يَرْفَعُهُ، فَهُوَ كَالْحَدَثِ السَّابِقِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَالْجِنَازَةِ وَغَيْرِهِمَا، وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَبْنِيَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَإِنْ كَانَ يَخَافُ أَنَّهُ إِنْ خَرَجَ وَتَطَهَّرَ فَاتَ الْوَقْتُ وَهُوَ فِي السَّفَرِ لَمْ يَخْرُجْ فِي أَشْهَرِ الْوَجْهَيْنِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْحَضَرِ خَرَجَ كَمَا لَوْ كَانَ خَارِجَ الصَّلَاةِ، وَمَنْ صَلَّى بِلَا مَاءٍ وَلَا تُرَابٍ ثُمَّ وَجَدَ أَحَدَهُمَا، وَقُلْنَا: يَمْضِي فِي الَّتِي قَبْلَهَا، فَقِيلَ: تَبْطُلُ هُنَا لِأَنَّهَا صَلَاةٌ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ، وَالصَّحِيحُ أَنَّا إِنْ قُلْنَا: لَا يُعِيدُهَا، مَضَى فِيهَا، وَإِنْ قُلْنَا: يُعِيدُهَا، قَطَعَهَا، كَالْمَحْبُوسِ فِي الْمِصْرِ إِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ، وَالْمُتَيَمِّمُ مِنَ الْبَرْدِ إِذَا قَدَرَ عَلَى الْمَاءِ الْمُسَخَّنِ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ، وَمَنْ لَا تَلْزَمُهُ فَإِنَّهُ يَمْضِي. وَإِنْ يَمَّمَ الْمَيِّتَ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute