فَصْلٌ
النَّاسِيَةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ، أَحَدُهَا: الْمُتَحَيِّرَةُ: وَهِيَ النَّاسِيَةُ لِلْعَدَدِ وَالْوَقْتِ فَتَحِيضُ سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةً كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَشْهُورِ، ثُمَّ إِنْ عَلِمَتْ شَهْرَهَا وَهُوَ الزَّمَانُ الَّذِي لَهَا فِيهِ طُهْرٌ وَحَيْضٌ، مِثْلَ أَنْ تَقُولَ: كُنْتُ أَحِيْضُ فِي كُلِّ شَهْرٍ حَيْضَةً لَا أَعْلَمُ قَدْرَهَا وَلَا وَقْتَهَا، جَعَلْنَا ذَلِكَ شَهْرَ حَيْضٍ لَهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ هِلَالِيٍّ، ثُمَّ إِنْ ذَكَرَتْ زَمَنَ افْتِتَاحِ الدَّمِ مِثْلَ أَنْ يَنْقَطِعَ عَنْهَا الدَّمُ مُدَّةً ثُمَّ يَعُودَ وَيَسْتَمِرَّ بِهَا، فَإِنَّهَا تَجْلِسُ مِنْ حِينِ عَوْدَتِهِ فِي أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ، كَأَنَّهُ عَادَةٌ فِي خَامِسِ الشَّهْرِ فَتَجْلِسُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ فِي خَامِسِهِ الْمُدَّةَ الْمَضْرُوبَةَ.
" وَالْوَجْهُ الثَّانِي " تَجْلِسُهُ بِالتَّحَرِّي كَغَيْرِهَا، وَإِنْ لَمْ تَذْكُرِ افْتِتَاحَ الدَّمِ وَطَالَ عَهْدُهَا بِهِ جَلَسَتْ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الْآخَرِ تَجْلِسُهُ بِالتَّحَرِّي، قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى وَهُوَ أَصَحُّ لِأَنَّ التَّحَرِّيَ هُنَا طَرِيقٌ وَلَا يُعَارِضُهُ غَيْرُهُ، بِخِلَافِ الصُّورَةِ الْأُولَى، فَإِنَّ أَوَّلَ الدَّمِ أَحَقُّ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا مِنْ آخِرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهَا شَيْءٌ جَلَسَتْ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُسْتَحَاضَةِ: " «تَحَيَّضِي فِي عِلْمِ اللَّهِ سِتًّا أَوْ سَبْعًا فِي كُلِّ شَهْرٍ ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي وَصُومِي ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ أَوْ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ» " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَيْضَ قَبْلَ الطُّهْرِ وَأَنَّهُ مَحْسُوبٌ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ.
الثَّانِيَةُ: أَنْ تَكُونَ نَاسِيَةً لِعَادَتِهَا ذَاكِرَةً لِوَقْتِهَا، مِثْلَ أَنْ تَقُولَ: كُنْتُ أَحِيْضُ فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنَ الشَّهْرِ وَلَا أَعْلَمُ عَدَدَهُ، فَتَجْلِسُ سِتًّا " أَوْ سَبْعًا " فِي الْمَشْهُورِ مِنْ أَوَّلِ الْعَشْرِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَبِالتَّحَرِّي فِي أَقْوَاهُمَا، وَإِنْ قَالَتْ: أَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ حَائِضًا وَلَا أَعْلَمُ آخِرَ الْحَيْضِ، حَيَّضْنَاهَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَمَا بَعْدُ، وَإِنْ قَالَتْ: كَانَ آخِرُ الشَّهْرِ آخِرَ حَيْضَتِي، حَيَّضْنَاهَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَمَا قَبْلَهُ، وَإِنْ قَالَتْ: كُنْتُ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ حَائِضًا لَا أَدْرِي هَلْ كَانَ أَوَّلَ حَيْضِي أَوْ آخِرَهُ، حَيَّضْنَاهَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَمَا بَعْدَهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الْآخَرِ تَتَحَرَّى فِيمَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ كَمَا تَقَدَّمَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute