فَصْلٌ
وَالطُّهْرُ فِي أَثْنَاءِ الْحَيْضَةِ طُهْرٌ صَحِيحٌ إِذَا رَأَتِ النَّقَاءَ الْخَالِصَ بِحَيْثُ لَا يَتَغَيَّرُ لَوْنُ الْقُطْنَةِ إِذَا احْتَشَتْ بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ، وَعَنْهُ أَنَّ مَا دُونُ الْيَوْمِ لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ كَالْفَتَرَاتِ وَاللَّحَظَاتِ وَمَا لَمْ تَرَ فِيهِ " الْقُصَّةَ " الْبَيْضَاءَ، وَعَنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ الطُّهْرُ فِي أَثْنَاءِ الْحَيْضَةِ بِطُهْرٍ صَحِيحٍ، بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الدَّمِ؛ لِأَنَّ دَمَ الْحَيْضِ يَسْتَمْسِكُ مَرَّةً وَيَنْقَطِعُ أُخْرَى، وَلَيْسَ بِدَائِمِ الْجَرَيَانِ، فَلَوْ كَانَ وَقْتُ الِانْقِطَاعِ طُهْرًا لَمْ تَسْقُطْ عَنْهَا الصَّلَاةُ بِحَالٍ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ طُهْرًا صَحِيحًا كَانَ مَا قَبْلُهُ وَمَا بَعْدَهُ حَيْضًا صَحِيحًا تَامًّا فَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِثَلَاثٍ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ.
وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ، لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ: " إِذَا رَأَتِ الدَّمَ الْبَحْرَانِيَّ فَلَا تُصَلِّي فَإِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ وَلَوْ سَاعَةً فَلْتَغْتَسِلْ وَتُصَلِّي " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
وَلِأَنَّهُ لَيْسَ جَعْلُ النَّقَاءِ الْخَالِصِ حَيْضًا تَبَعًا لِمَا يَتَخَلَّلُهُ مِنَ الدَّمِ فِي الْعَادَةِ، فَأَمَّا الْلَحَظَاتُ الَّتِي يَسْتَمْسِكُ فِيهَا دَمُ الْحَيْضِ فَلَا يَحْصُلُ فِيهَا النَّقَاءُ الْخَالِصُ وَلَا تَرَى مَعَهُ الْقُصَّةَ الْبَيْضَاءَ، فَعَلَى هَذَا إِذَا رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَيَوْمًا طُهْرًا وَلَمْ يُجَاوِزْ مَجْمُوعُهَا أَكْثَرَ الْحَيْضِ اغْتَسَلَتْ أَيَّامَ النَّقَاءِ، وَصَلَّتْ وَصَامَتْ وَضَمَّتِ النَّقَاءَ إِلَى الدَّمِ، فَكَانَ مَجْمُوعُهَا حَيْضًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَنْقُصَ عَنْ أَقَلِّ الْحَيْضِ، وَأَمَّا إِنْ جَاوَزَ أَكْثَرَ الْحَيْضِ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ سَوَاءٌ حَصَلَ النَّقَاءُ بَعْدَ أَكَثَرِ الْحَيْضِ أَوِ اتَّصَلَ الدَّمُ بِأَكْثَرِ الْحَيْضِ، وَقَالَ الْقَاضِي: وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعْتَادَةً فَإِنَّ النَّقَاءَ فِي السَّادِسِ عَشَرَ يَفْصِلُ بَيْنَ دَمِ الْحَيْضِ وَالِاسْتِحَاضَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا الدَّمَ لَمْ يَتَّصِلْ بِدَمٍ فَاسِدٍ وَلَا خَالَفَ عَادَةً مُتَقَدِّمَةً فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا، وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute