" وَلَمْ يَفْصِلْ " بَيْنَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ أَوْ قَصِيرَةٍ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: " أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى أَنَّ النُّفَسَاءَ تَدَعُ الصَّلَاةَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا إِلَّا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ " وَلِأَنَّ الدَّمَ الْخَارِجَ عَقِبَ الْوِلَادَةِ خَرَجَ بِسَبَبِهَا فَكَانَ نِفَاسًا، سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا " إِذْ " لَيْسَ فِي تَقْدِيرِهِ هُنَا نَصٌّ وَلَا اتِّفَاقٌ وَلَا قِيَاسٌ صَحِيحٌ، وَلِأَنَّ مِنْ النِّسَاءِ مَنْ لَا تَرَى الدَّمَ أَصْلًا، وَمِنْهُنَّ مَنْ تَرَى قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا، وَالْمَرْجِعُ فِي ذَلِكَ إِلَى مَا وُجِدَ، وَقَدْ رُوِيَ " «أَنَّ امْرَأَةً وَلَدَتْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ تَرَ دَمًا فَسُمِّيَتْ ذَاتُ الْجَفَافِ» " وَذَكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ: " كَانَتْ عِنْدَنَا امْرَأَةٌ تُسَمَّى الطَّاهِرَ، تَلِدُ أَوَّلَ النَّهَارِ وَتَطْهُرُ آخِرَهُ " فَإِذَا انْقَطَعَ بِدُونِ الْأَرْبَعِينَ اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ وَصَامَتْ بِلَا خِلَافٍ، لِمَا تَقَدَّمَ، لَكِنْ فِي حَدِّ الطُّهْرِ رِوَايَتَانِ كَمَا فِي طُهْرِ الْمُلَفَّقَةِ:
إِحْدَاهُمَا: لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ يَوْمًا وَمَا دُونُ ذَلِكَ لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ.
وَالثَّانِيَةُ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ إِذَا رَأَتِ النَّقَاءَ الْخَالِصَ، وَيُكْرَهُ وَطْؤُهَا إِلَى تَمَامِ الْأَرْبَعِينَ - فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ - كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، وَعَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ، وَعَنْهُ أَنَّهُ مُبَاحٌ؛ لِأَنَّهُ وَطْءٌ بَعْدَ الطُّهْرِ وَالتَّطْهِيرِ فَأَشْبَهَ الْوَطْءَ إِذَا انْقَطَعَ لِأَكْثَرِهِ وَوَطْءَ الْحَائِضِ إِذَا انْقَطَعَ دَمُهَا لِعَادَةٍ، وَوَجْهُ الْأَوَّلِ مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَائِذِ بْنِ عَمْرٍو وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute