للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْ دَمٍ، قَالَ: " لَا بَأْسَ بِذَلِكَ يُتِمُّ صَلَاتَهُ ". وَلِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ حَرَّمَ الدَّمَ الْمَسْفُوحَ خَاصَّةً لِأَنَّ اللَّحْمَ لَا يَكَادُ يَخْلُو مِنْ دَمٍ فَأَبَاحَهُ لِلْمَشَقَّةِ فَلَأَنْ يُبِيحَ مُلَاقَاتِهِ فِي الصَّلَاةِ أَوْلَى لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَكَادُ يَخْلُو مِنْ دَمَامِيلَ، وَجُرُوحٍ، وَقُرُوحٍ فَرَخَّصَ فِي تَرْكِ غَسْلِهَا.

وَالْمَعْفُوُّ عَنْهُ دَمُ الْآدَمِيِّ، وَدَمُ الْبَقِّ، وَالْبَرَاغِيثِ - إِنْ قِيلَ بِنَجَاسَتِهِ - وَدَمُ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ، فَأَمَّا الْمُحَرَّمُ الَّذِي لَهُ نَفْسٌ سَائِلِةٌ فَلَا يُعْفَى عَنْ دَمِهِ لِأَنَّ التَّحَرُّزَ مِنْهُ يُمْكِنُ وَهُوَ مُغَلَّظٌ، لِكَوْنِ لَبَنِهِ نَجِسًا وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ وَعَلَّلَ بِأَنَّ فِيهِمَا دَمَ حَلَمَةٍ، وَكَذَلِكَ دَمُ الْحَيْضَةِ وَمَا خَرَجَ مِنَ السَّبِيلَيْنِ لَا يُعْفَى عَنْهُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ يَغْلُظُ بِخُرُوجِهِ مِنَ السَّبِيلِ، وَلِذَلِكَ يَنْقُضُ قَلِيلُهُ الْوُضُوءَ، وَالتَّحَرُّزُ مِنْهُ مُمْكِنٌ، وَأَمَّا قَدْرُ الْيَسِيرِ فَعَنْهُ مَا دُونَ شِبْرٍ فِي شِبْرٍ، وَعَنْهُ مَا دُونَ قَدْرِ الْكَفِّ، وَعَنْهُ الْقَطْرَةُ وَالْقَطْرَتَانِ وَقِيلَ عَنْهُ مَا دُونَ ذِرَاعٍ فِي ذِرَاعٍ. وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ مَا يَفْحُشُ فِي النَّفْسِ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ فِي الدَّمِ: إِذَا كَانَ فَاحِشًا أَعَادَ.

وَلِأَنَّ التَّقْدِيرَ مَرْجِعُهُ الْعُرْفُ إِذَا لَمْ يُقَدَّرْ فِي الشَّرْعِ وَلَا فِي اللُّغَةِ، قَالَ الْخَلَّالُ: " الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: إِنَّ الْفَاحِشَ مَا يَسْتَفْحِشُهُ كُلُّ إِنْسَانٍ فِي نَفْسِهِ".

وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَطْرَةً أَوْ قَطْرَتَيْنِ فَيُعْفَى عَنْهُ بِكُلِّ

<<  <   >  >>