مَظِنَّةُ السَّرَفِ بِاسْتِعْمَالِ النَّقْدَيْنِ فِي غَيْرِ مَا خُلِقَا لَهُ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ، وَمَظِنَّةُ الْخُيَلَاءِ وَالْكِبْرِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنِ امْتِهَانِهِمَا، وَمَظِنَّةُ الْفَخْرِ وَكَسْرِ قُلُوبِ الْفُقَرَاءِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ.
وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ اتِّخَاذُهَا فِي الْمَشْهُورِ مِنَ الرِّوَايَتَيْنِ، فَلَا يَجُوزُ صَنْعَتُهَا وَلَا اسْتِصْيَاغُهَا وَلَا اقْتِنَاؤُهَا وَلَا التِّجَارَةُ فِيهَا لِأَنَّهُ مُتَّخَذٌ عَلَى هَيْئَةٍ مُحَرَّمَةِ الِاسْتِعْمَالِ، فَكَانَ كَالطُّنْبُورِ، وَآلَاتِ اللَّهْوِ، وَلِأَنَّ اتِّخَاذَهَا يَدْعُو إِلَى اسْتِعْمَالِهَا غَالِبًا فَحُرِّمَ كَاقْتِنَاءِ الْخَمْرِ وَالْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ، وَلَا تَصِحُّ الطَّهَارَةُ مِنْهَا فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَسَوَاءٌ اغْتَرَفَ مِنْهَا أَوِ اغْتَمَسَ فِيهَا لِأَنَّهُ أَتَى بِالْعِبَادَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّمِ فَأَشْبَهَ الصَّلَاةَ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ، فَعَلَى هَذَا إِنْ جَعَلَهَا مَصَبًّا لِمَا يَنْفَصِلُ عَنْهُ حِينَ التَّوَضُّؤِ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ الصِّحَّةِ وَفِي الثَّانِي يَصِحُّ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لَا يَرْجِعُ إِلَى نَفْسِ الْعِبَادَةِ وَلَا إِلَى شَرْطٍ مِنْ شَرَائِطِ وُجُوبِهَا وَأَدَائِهَا فَأَشْبَهَهُ التَّوَضُّؤُ فِي الْمَكَانِ الْمَغْصُوبِ وَالصَّلَاةُ بِخَاتَمِ ذَهَبٍ؛ لِأَنَّ الْآنِيَةَ لَيْسَتْ مِنَ الْوُضُوءِ وَلَا مِنْ شُرُوطِهِ، بِخِلَافِ الْبُقْعَةِ، وَالسُّتْرَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَالْمَالِ فِي الْحَجِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute