للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالْكَلَامُ فِي فَصْلَيْنِ فِي أَجْزَاءِ الْمَيْتَةِ وَفِي أَجْنَاسِهَا؛ أَمَّا أَجْزَاؤُهَا فَاللَّحْمُ نَجِسٌ وَكَذَلِكَ الْجِلْدُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي الْعَظْمِ وَالشَّعْرِ. وَأَمَّا مَا لَا يَمُوتُ بِمَوْتِهَا كَالْبَيْضِ وَاللَّبَنِ فَإِنَّهُ لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ لَكِنْ هَلْ يَنْجُسُ بِنَجَاسَةِ وِعَائِهِ؟ أَمَّا الْبَيْضُ فَإِذَا كَانَ قَدْ تَصَلَّبَ قِشْرُهُ فَهُوَ طَاهِرٌ مُبَاحٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ النَّجَاسَةِ كَمَا لَوْ غُمِسَ فِي مَاءٍ نَجِسٍ، وَكَمَا لَوْ طُبِخَ فِي خَمْرٍ أَوْ مَاءٍ نَجِسٍ؛ وَكَذَلِكَ لَوْ سَلَقَهُ فِي مَاءِ مِلْحٍ أَوْ مُرٍّ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: هُوَ طَاهِرٌ مُبَاحٌ وَإِنْ لَمْ يَتَصَلَّبْ؛ لِأَنَّ جُمُودَهَا وَغِشَاءَهَا الَّذِي هُوَ كَالْجِلْدِ مَعَ لِينِهِ يَمْنَعُ نُفُوذَ النَّجَاسَةِ إِلَيْهَا.

كَمَا لَوْ وَقَعَتْ فِي مَائِعٍ نَجِسٍ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا تَتَنَجَّسُ إِذَا لَمْ تَتَصَلَّبْ؛ لِأَنَّهَا فِي النُّمُوِّ، وَالْحَاجِزُ غَيْرُ حَصِينٍ فَلَا يَنْفَكُّ غَالِبًا مِنْ أَنْ يَشْرَبَ أَجْزَاءً عَقِيبَ الْمَوْتِ قَبْلَ ذَهَابِ حَرَارَةِ الْحَيَاةِ. وَأَمَّا اللَّبَنُ وَالْإِنْفَحَةُ فَطَاهِرٌ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ فَتَحُوا بِلَادَ الْمَجُوسِ وَأَكَلُوا مِنْ جُبْنِهِمْ مَعَ عِلْمِهِمْ بِنَجَاسَةِ ذَبَائِحِهِمْ، وَأَنَّ الْجُبْنَ إِنَّمَا يُصْنَعُ بِالْإِنْفَحَةِ، وَأَنَّ اللَّبَنَ لَمْ يَنْجُسْ بِالْمَوْتِ؛ إِذْ لَا حَيَاةَ فِيهِ وَلَا بِمُلَاقَاةِ وِعَائِهِ؛ لِأَنَّ الْمُلَاقَاةَ فِي الْبَاطِنِ لَا حُكْمَ لَهَا؛ إِذِ الْحُكْمُ بِالتَّنْجِيسِ إِنَّمَا يَتَسَلَّطُ عَلَى الْأَجْسَامِ الظَّاهِرَةِ.

وَلِذَلِكَ لَمْ يَنْجُسِ الْمَنِيُّ، وَالنَّجَاسَةُ تَخْرُجُ مِنْ مَخْرَجِ الْمَنِيِّ، وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَجِلْدُ الْإِنْفَحَةِ نَجِسٌ كَجِلْدِ الضَّرْعِ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِيمَا فِيهِمَا، وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى هُمَا نَجِسٌ وَهِيَ الْمَنْصُورَةُ؛ وَلِأَنَّهُ مَائِعٌ فِي وِعَاءٍ نَجِسٍ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أُعِيدَ فِي

<<  <   >  >>