للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " «لَا يَخْرُجُ الرَّجُلَانِ يَضْرِبَانِ الْغَائِطَ كَاشِفَيْنِ عَوْرَاتِهُمَا يَتَحَدَّثَانِ فَإِنَّ اللَّهَ يَمْقُتُ عَلَى ذَلِكَ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ.

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ " «أَنَّ رَجُلًا مَرَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبُولُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ فَلَمَّا جَاوَزَهُ نَادَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّمَا حَمَلَنِي عَلَى الرَّدِّ عَلَيْكَ خَشْيَةَ أَنْ تَذْهَبَ فَتَقُولَ: إِنِّي سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، فَإِذَا رَأَيْتَنِي عَلَى هَذِهِ الْحَالِ فَلَا تُسَلِّمْ عَلَيَّ فَإِنَّكَ إِنْ تَفْعَلْ لَا أَرُدُّ عَلَيْكَ» ". رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ.

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا مَكْرُوهٌ وَأَنَّهُ يَجُوزُ لِعُذْرٍ، وَإِذَا عَطَسَ حَمِدَ اللَّهَ بِقَلْبِهِ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْأُخْرَى يَحْمَدُهُ بِلِسَانِهِ خُفْيَةً لِعُمُومِ الْأَمْرِ بِهِ؛ وَلِأَنَّهُ كَلَامٌ لِحَاجَةٍ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَرُدَّ السَّلَامَ مَعَ تَأَكُّدِهِ وَتَعَلُّقِ حَقِّ الْإِنْسَانِ بِهِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى.

وَحَكَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَكْرَهُ ذِكْرَ اللَّهِ عَلَى خَلَائِهِ وَيُشَدِّدُ فِيهِ، وَذِكْرُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ أَعْظَمُ مِنْ غَيْرِهِ مِنَ الْكَلَامِ فَلَا يُقَاسُ بِهِ.

<<  <   >  >>