للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البناء الرفيع والأسباب هي الحبال، ﴿أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى﴾ [غافر: ٣٧]، أي حبال السماء فأصعد فيها حتى أصل إلى السماء فأطلع إلى إله موسى الذي يقول إنه في السماء هل هو صادق أم لا ﴿وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا﴾ [غافر: ٣٧]. هكذا ذكره الله تعالى في سورة مؤمن وغافر، وقال في سورة القصص: ﴿فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ [القصص: ٣٨]. لعلي أتخذ بناء رفيعاً أصعد إليه حتى أصل إلى السماء لأنظر: هل في السماء إله كما يقول موسى أم لا، فأنا أظن أنه من الكاذبين ليس في السماء إله، هذا دليل على أن موسى أخبر فرعون أن إلهه في السماء … إلى آخره) " (١).

ثم استدل بقول ابن كثير على معنى الآية التي ذكرها، ورد على الشيخ ابن جبرين فيها، وأن كلام ابن كثير يخالف ما ذكره الشيخ إلى آخر كلامه.

فقال: "انظروا أيها الوهابية إلى تفسير حبيبكم ابن كثير لقول فرعون ﴿وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: ٢٣]، قال ابن كثير في تفسيره ما نصه: يقول تعالى مخبراً عن كفر فرعون وطغيانه وجحوده في قوله: ﴿وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: ٢٣]؟ وذلك أنه كان يقول لقومه: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ [القصص: ٣٨]، ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ﴾ [الزخرف: ٥٤]، وكانوا يجحدون الصانع - تعالى- ويعتقدون أنه لا رب لهم سوى فرعون، فلما قال موسى ﴿إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الزخرف: ٤٦]، قال له: ومن هذا الذي تزعم أنه رب العالمين غيري؟ هكذا فسره علماء السلف وأئمة الخلف، حتى قال السدي هذه الآية كقوله تعالى: ﴿قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَامُوسَى (٤٩) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (٥٠)[طه: ٤٩ - ٥٠].

ومن زعم من أهل المنطق وغيرهم أن هذا سؤال عن الماهية فقد غلط؛ فإنه لم يكن مقرا بالصانع حتى يسأل عن الماهية، بل كان جاحداً له بالكلية فيما يظهر، وإن كانت الحجج والبراهين قد قامت عليه فعند ذلك قال موسى عندما سأله عن رب العالمين: ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ


(١) المرجع السابق: ٢٠٥ - ٢٠٦.

<<  <   >  >>