للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحقد والغضبِ، تشبيهاً بأخلاق النِمر وشراسته.

ويذكر الاحتمالاتِ المختلفةَ لمعاني اللفظ الغريب، وفي حديث (١): «فجعل المشركون يُرْبِسُون به العبَّاس» يقول: يَحتمل أن يكون من الإرْباس وهو المراغَمَةُ، أي: يُسْمِعونه ما يُسْخِطُه ويَغيظُه، ويحتمل أن يكونَ من قولِهم: جاؤوا بأمورٍ رُبْسٍ أي: سُود، ويحتمل أن يكون من الرَّبيس، وهو المُصاب بمالٍ أو غيره أي: يُصيبون العباس بما يَسُوءُه.

ويذكر فوائد ولطائف في معنى الحديث، ففي الحديث (٢): «احثُوا في وجوه المدَّاحين الترابَ». يقول: أراد بالمدَّاحين الذين اتخذوا مدحَ الناسِ عادةً، وجعلوه صناعة يستأكلون به الممدوح، فأمَّا من مدح على الفعل الحسنِ والأمرِ المحمود؛ ترغيباً في أمثاله، وتحريضاً للناس على الاقتداء به، في أشباهه، فليس بمَدَّاح، وإن كان قد صار مادحاً بما تكلَّم به من جميل القول. وفي الحديث (٣): «أشدُّ الناسِ عذاباً يومَ القيامة من قَتَلَ نبياً، أو قتله نبيٌّ» يقول: أراد من قتله ـ وهو كافرٌ ـ كَقَتْلِه أُبَيَّ بن خَلَفٍ يوم بدر، لا كمن قَتَله تطهيراً له في الحدِّ كماعِزٍ». وفي الحديث (٤): «لا يُعَذِّبُ اللهُ قلباً وعى القرآن». يقول: أي: عَقَلَه إيماناً به وعَمَلاً. فأمَّا من حَفِظَ ألفاظه وضَيَّع حدودَه فإنَّه غيرُ واعٍ له.

وله تعقبات على من سبقه: مثاله يقول: قال الجوهري: تقول: بضع سنين، وبضعة عشر رجلاً، فإذا جاوزت لفظ العشر لا تقول: بضع وعشرون، وهذا يخالف


(١) «النهاية» (٢/ ١٨٤).
(٢) «النهاية» (١/ ١٨٤).
(٣) «النهاية» (٤/ ١٣).
(٤) «النهاية» (٥/ ٢٠٨).

<<  <   >  >>