لأنها مدة يتكرر فيها تردد المسافرين والتجار، فانقطاع خبره مع هذه الحال يغلِّب ظن هلاكه؛ ولما ورد عن ابن المسيب:«أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ رضي الله عنهما قَضَيَا فِي الْمَفْقُودِ: أَنَّ امْرَأَتَهُ تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا بَعْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ تُزَوَّجَ؛ فَإِنَّ جَاءَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ؛ خُيِّرَ بَيْنَ الصَّدَاقِ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ»[عبد الرزاق ١٢٣١٧]، قال أحمد:(من ترك هذا أي شيء يقول؟ ! هو عن خمسة من الصحابة: عمر وعثمان وعلي وابن عباس وابن الزبير رضي الله عنهم).
وقيل، واختاره ابن عثيمين: ينتظر به حتى يتيقن موته، أو تمضي عليه مدة لا يعيش في مثلها، وذلك مردود إلى اجتهاد الحاكم؛ لأن الأصل حياة المفقود ولا يخرج عن هذا الأصل إلا بيقين أو ما في حكمه.
[· مسألة: الكلام على المفقود في جانبين]
الجانب الأول: في الإرث منه: فلا يورث المفقود ما دامت مدة التربص باقية؛ لأن الأصل بقاء حياته، فإذا انقضت مدة التربص حكمنا بموته، وقسمنا تركته على ورثته الأحياء حين الحكم بموته، دون من مات منهم قبل ذلك؛ لأن من شرط الإرث كما سبق: تحقق حياة الوارث حين موت المورث.