للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله تعالى: (﴿فَلَا تَجْعَلُوا لِلّهِ أَندَاداً﴾) هذا طلب، واستشهد بهذه الآية في باب الصفات؛ لأن النهي فيها يتضمن النفي، نفي أن يكون لله ند، فالمعنى: لا تجعلوا لله أنداداً؛ لأنه ليس له ند، وهذا هو المقصود، كذلك قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ﴾ هذا ذم من الله تعالى للذين جعلوا لله أنداداً يحبونهم كمحبتهم لله، وهذا نوع من الخبر المراد به الطلب (١)؛ لأنَّ الذمَّ فيه نهيٌ، ولكن هو في نفس الأمر يتضمن نفي الند عن الله، فإن الله إنما ذم هؤلاء على ذلك؛ لأنه تعالى لا ند له (٢).

وقوله: (﴿كَحُبِّ اللّهِ﴾) حب: مصدر أضيف إلى لفظ الجلالة، وهو مفعول، فكيف يقدر الفاعل؟

قيل: «كحبهم لله»، وهذا يتضمن التسوية، فأشركوا في التسوية في المحبة، والمراد: يحبون أوثانهم وأندادهم كما يحبون الله.

وقيل: «كحب المؤمنين لله»، فيكون حبهم لأندادهم أكثر من حبهم لله تعالى (٣).

وقد رجح شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى - الأولَ (٤)، لأن الواقع منهم التسوية، كما في قوله تعالى عن الكفار: ﴿تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِين (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِين (٩٨)[الشعراء].


(١) «البلاغة العربية» ١/ ١٧٦.
(٢) «تفسير ابن كثير» ١/ ٤٧٦.
(٣) «زاد المسير» ١/ ١٧٠، و «تفسير البحر المحيط» ١/ ٦٤٣.
(٤) «مجموع الفتاوى» ٨/ ٣٥٧ - ٣٥٩.

<<  <   >  >>