[موازنة بين طوائف المتكلمين والصوفية في التوحيد، والقدر، والإيمان]
وإذا تبيَّن أن غاية ما يقرره هؤلاء النُّظار، أهل الإثبات للقدر، المنتسبون إلى السنة، إنما هو «توحيد الربوبية»، وأن اللهَ ربُّ كلِّ شيء، ومع هذا؛ فالمشركون كانوا مقرِّين بذلك، مع أنهم مشركون.
فكذلك طوائف من أهل التصوف، المنتسبين إلى المعرفة والتحقيق والتوحيد؛ غاية ما عندهم من التوحيد؛ هو: شهود هذا التوحيد؛ وهو: أن يشهد أن الله ربُّ كلِّ شيء، ومليكُه وخالقُه، لا سيما إذا غاب العارف بموجوده عن وجوده، وبمشهوده عن شهوده، وبمعروفه عن معرفته، ودخل في فناء «توحيد الربوبية»، بحيث يفنى مَنْ لم يكن، ويبقى مَنْ لم يَزَل.
فهذا عندهم هو الغاية التي لا غاية وراءها!، ومعلوم أن هذا هو تحقيق ما أقر به المشركون من التوحيد، ولا يصير الرجل بمجرد هذا التوحيد مسلماً؛ فضلاً عن أن يكون ولياً لله، أو مِنْ سادات الأولياء.
هذا شروع في ذكر موازنات بين بعض الطوائف؛ طوائف المتكلمين والمتصوفة.