وكذلك قوله: ﴿أَأَمِنتُم مَنْ فِي السَّمَاء أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُور (١٦)﴾ [الملك] مَنْ توهم أن مقتضى هذه الآية أن يكون الله في داخل السموات، فهو جاهل ضال بالاتفاق، وإن كنا إذا قلنا:«إن الشمس والقمر في السماء» يقتضي ذلك؛ فإن حرف «في» متعلق بما قبله وما بعده، فهو بحسب المضاف، والمضاف إليه.
ولهذا يُفرَّق بين كونِ الشيء في المكان، وكون الجسم في الحيِّز، وكون العرض في الجسم، وكون الوجه في المرآة، وكون الكلام في الورق، فإنَّ لكلِّ نوعٍ من هذه الأنواعِ خاصيةً يتميزُ بها عن غيره، وإن كان حرفُ «في» مستعملاً في ذلك كله.
(في) مِنْ حروف الجر، ولها معانٍ (١)، والأصل فيها «الظرفية»، ولكن هذه الظرفية تختلف بحسب ما قبلها وما بعدها، ولهذا قال الشيخ: إنه (يُفرَّق بين كون الشيء في المكان، وكون الجسم في
(١) «الجنى الداني في حروف المعاني» ص ٢٥٠، و «مغني اللبيب عن كتب الأعاريب» ص ١٩١.