الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه، أما بعد:
فقد قُدِّر لي أن أدرِّس «العقيدة» في «كلية الشريعة»، و «كلية أصول الدين» سنوات عديدة، وكان ممَّا قمتُ به شرح «العقيدة التدمرية» تأليف الإمام ابن تيمية ﵀؛ فوجدتها من بديع مؤلفات الشيخ؛ فإنها وإن كانت تعد من مختصرات مؤلفاته؛ فقد تضمنت أكثر المسائل «الكلامية»، و «الفلسفية» التي طَرَقَها، وبَسَطَ القول فيها في موسوعات كتبه، وسيأتي التنبيه عليها بعد استعراض ما تضمنته إجمالاً.
فمدارها على الأصلين اللَّذَيْنِ سُئل الكتابةَ فيهما:«التوحيد والصفات»، و «الشرع والقدر»، وقد تضمن كلامه في الأصل الأول: بيان مذهب أهل السنة والجماعة في صفات الله، ومنهج الرسل في ذلك نفياً وإثباتاً، ومذهب الحائدين عن سبيلهم من طوائف الكافرين، ومن دخل فيهم من المتفلسفة، والباطنية، والجهمية، وقرر شبهتهم إجمالاً، وأقام الدليل على بطلانها عقلاً، وبسط ذلك بذكر «أصلين»، و «مَثَلين»، و «خاتمة» شملت قواعد نافعة؛ وهي: ست، أو سبع قواعد.
فردَّ في «الأصل الأول»؛ وهو:«القول في بعض الصفات؛ كالقول في بعض» على الأشاعرة، والمعتزلة، والجهمية، والفلاسفة، وبنى هذا الرد على ما في مذاهبهم من التناقض.
وردَّ ب «الأصل الثاني»؛ وهو:«القول في الصفات؛ كالقول في الذات» على من يُكيِّف صفات الله، وردَّ على الأشاعرة أيضاً بتناقضهم في النفي والإثبات، وفي تأويل ما أوَّلوه من نصوص الصفات التي ينفونها.
وفي «المثَل الأول»؛ وهو:«أن موجودات الآخرة تُوافِق موجودات الدنيا من وجه وتُبايِنُها من وجه»، فأوضح ضرب المثل في ذلك في باب صفات الله، واستطرد بذكر مذاهب الناس فيما