ومن لم يعرف هذا اضطربت أقواله، مثل: طائفة يقولون: «إن التأويل باطل، وإنه يجب إجراء اللفظ على ظاهره»؛ ويحتجون بقوله: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ﴾ [آل عمران: ٧]، ويحتجون بهذه الآية على إبطال التأويل.
وهذا تناقض منهم؛ لأن هذه الآية تقتضي أن هناك تأويلاً لا يعلمه إلا الله، وهم ينفون التأويل مطلقاً.
وجهة الغلط: أن التأويل الذي استأثر الله بعلمه؛ هو: الحقيقة التي لا يعلمها إلا هو، وأما التأويل المذموم والباطل؛ فهو: تأويل أهل التحريف والبدع، الذين يتأولونه على غير تأويله، ويدَّعون صرف اللفظ عن مدلوله إلى غير مدلوله بغير دليل يوجب ذلك.
ويدَّعون أن في ظاهره من المحذور ما هو نظير المحذور اللازم فيما أثبتوه بالعقل، ويصرفونه إلى معانٍ هي نظير المعاني التي نفوها عنه! فيكون ما نفوه من جنس ما أثبتوه، فإن كان الثابت حقاً ممكناً؛ كان المنفي مثله، وإن كان المنفي باطلاً ممتنعاً؛ كان الثابت مثله.