فيقال: كلُّ ما نافى صفات الكمال الثابتة لله؛ فهو منزَّهٌ عنه، فإن ثبوت أحد الضدين؛ يستلزم نفي الآخَر، فإذا عُلم أنه موجودٌ، واجب الوجود بنفسه، وأنه قديم واجب القِدم؛ عُلم امتناع العدم والحدوث عليه، وعُلم أنه غني عمَّا سواه.
فالمفتقرُ إلى ما سواه في بعض ما يحتاج إليه؛ نفسُه ليس هو موجوداً بنفسه؛ بل بنفسه، وبذلك الآخَر الذي أعطاه ما تحتاج إليه نفسه، فلا يوجد إلا به.
وهو ﷾ غنيٌّ عن كلِّ ما سواه، فكلُّ ما نافى غناه؛ فهو منزَّهٌ عنه، وهو ﷾ قديرٌ، قويٌّ، فكلُّ ما نافى قدرته وقوته؛ فهو منزَّهٌ عنه، وهو سبحانه حيٌّ، قيومٌ، فكلُّ ما نافى حياته وقيوميته؛ فهو منزَّهٌ عنه.
وبالجملة؛ فالسمعُ قد أثبت له مِنَ الأسماء الحسنى، وصفات الكمال ما قد ورد، فكلُّ ما ضاد ذلك؛ فالسمع ينفيه، كما ينفي عنه: المثل، والكفؤ، فإن إثباتَ الشيء نفيٌ لضده، ولما يستلزم ضده.
والعقلُ يَعرفُ نفي ذلك، كما يعرفُ إثباتَ ضدِه، فإثباتُ أحدِ الضدينِ نفيٌ للآخَر، ولما يستلزمه.