فلهذا كان عامةُ ما وصف الله به نفسه من النفي متضمناً لإثبات مدح؛ كقوله: ﴿اللّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ﴾ إلى قوله: ﴿يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا﴾ [البقرة: ٢٥٥].
فنفي السِّنة والنوم يتضمن كمال الحياة والقيام، فهو مبيِّن لكمال أنه الحي القيوم.
وكذلك قوله: ﴿يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا﴾ أي: لا يَكْرِثُهُ ولا يُثْقِلُه، وذلك مستلزم لكمال قدرته وتمامها، بخلاف المخلوق القادر؛ إذا كان يقدر على الشيء بنوع كلفة ومشقة، فإن هذا نقص في قدرته، وعيب في قوته.
وكذلك قوله تعالى: ﴿لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الأَرْضِ﴾ [سبأ: ٣] فإن نفي العزوب مستلزم لعلمه بكلِّ ذرة في السموات والأرض.
وكذلك قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُّغُوب (٣٨)﴾ [ق] فإنَّ نفيَ مسِّ اللغوبِ - الذي هو: التعب والإعياء -؛ دلَّ على كمال القدرة، ونهاية القوة، بخلاف المخلوق الذي يلحقه مِنَ النصب والكلال ما يلحقه.