يجبُ أنْ يُعلم أنَّ كلَّ ما وصف الله به نفسه من النفي؛ متضمنٌ لإثبات كمال ضده، وليس في شيء ممَّا وصف الله به نفسه نفي محض.
ومِن ذلك قوله تعالى في آية الكرسي:(﴿اللّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ﴾)، فنفى ﷾ عن نفسه: السِّنةَ والنَّومَ، والسِّنةُ: بداية النَّومِ، والنَّومُ معروف، وهو أخو الموت؛ لكنه دونه.
ونفي السنة والنوم؛ يتضمن كمال الحياة والقيومية، فحياته لا يعتريها نقص، وقيوميته كذلك.
فالله تعالى نزه نفسه عن السنة، والنوم، والموت، كما قال تعالى: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ﴾ [الفرقان: ٥٨]، وفي ذلك تأكيد لكمال حياته.
والله تعالى قائم بنفسه، وعلى كل نفس بما كسبت، فلا قيام للوجود إلا به، وهو لا يغفل، كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِين (١٧)﴾ [المؤمنون: ١٧].
وهو سبحانه (﴿لَا يَؤُدُهُ حِفْظُهُمَا﴾، أي: لا يَكْرِثُهُ) حفظ العالَم العلوي والعالَم السفلي، فلا يلحقه بسببه مشقة ولا ثقل.
وهذا يدل على كمال قوته، وأنها لا يعتريها ضعف ولا مشقة، كما يعتري قوة المخلوق.