للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك النفي في قوله تعالى: (﴿لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِين (٣)﴾) يتضمن كمال علمه بكل شيء.

وقوله تعالى: (﴿لَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُّغُوبٍ (٣٨)﴾) هذه الآية نزلت لما قال اليهود: «إن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام، واستراح بعد ذلك» (١)، أي: أنه لحقه التعب والإعياء؛ فاستراح، فرد الله تعالى عليهم ذلك بقوله: (﴿وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُّغُوبٍ (٣٨﴾).

وكلمة: (﴿لُّغُوبٍ﴾) نكرةٌ واقعة في سياق النفي المتصل ب «مِنْ» مما يؤكد أنه سبحانه لم يلحقه أي لغوب.

واللغوبُ نقصٌ في الجهد، ونفي اللغوب عن الله مطلقاً؛ يدل على كمال قدرته، ونهاية قوته، وكيف يلحقه لغوبٌ، وهو الذي إذا أراد شيئاً؛ فإنما يقول له كن فيكون، كما قال تعالى: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُون (٤٠)[النحل]، ولو شاء الله تعالى لخلق السموات والأرض وما بينهما في لحظة، ولكن له حِكمة في ذلك (٢)، خلقها في ستة أيام: قيل: «إنها كأيامنا»، وقيل: «إنها أيام طويلة، أي: كل يوم ألف سنة» (٣).


(١) تقدم تخريجه في ص ٩٥.
(٢) انظر: «زاد المسير» ٣/ ٢١٢.
(٣) القولان مذكوران في «تفسير البغوي» ٣/ ٢٣٥، و «الجامع لأحكام القرآن» ٩/ ٢٣٨، و «تفسير ابن كثير» ٣/ ٤٢٦، ولم يُنسب القول بأنها ك «أيام الدنيا» لمعين. =

<<  <   >  >>