وبيَّنا أن الصواب؛ هو: أنَّ وجودَ كلِّ شيء في الخارج؛ هو ماهيته الموجودة في الخارج، بخلاف الماهية التي في الذهن؛ فإنها مغايرة للموجود في الخارج، وأن لفظ:«الوجود»؛ كلفظ:«الذات»، و «الشيء»، و «الماهية»، و «الحقيقة»، ونحو ذلك.
وهذه الألفاظ كلها متواطئة، وإذا قيل:«إنها مشكِّكة، لتفاضل معانيها»، فالمشكِّك نوع من المتواطئ العام، الذي يراعى فيه دلالة اللفظ على القدر المشترك، سواء كان المعنى متفاضلاً في موارده، أو متماثلاً.
وبيَّنا أن المعدوم شيء - أيضاً - في العلم والذهن؛ لا في الخارج، فلا فرق بين الثبوت والوجود، لكن الفرق ثابت بين الوجود العلمي والعيني، مع أن ما في العلم ليس هو الحقيقة الموجودة، ولكن هو العلم التابع للعالم القائم به.
وكذلك الأحوال التي تتماثل فيها الموجودات وتختلف، لها وجود في الأذهان، وليس في الأعيان إلا الأعيان الموجودة، وصفاتها القائمة بها المعيَّنة، فتتشابه بذلك، وتختلف به.
وأما هذه الجمل المختصرة؛ فإن المقصود بها التنبيه على جمل مختصرة جامعة، مَنْ فهمها عَلِمَ قدر نفعها، وانفتح له باب الهدى،