وكذلك أيضاً يقولون:«إن الصفات لا تقوم إلا بجسم متحيِّز، والأجسام متماثلة، فلو قامت به الصفات؛ للزم أن يكون مُماثلاً لسائر الأجسام؛ وهذا هو: التشبيه».
وكذلك يقول هذا كثيرٌ من الصفاتية، الذين يثبتون الصفات، وينفون علوه على العرش، وقيام الأفعال الاختيارية به، ونحو ذلك، ويقولون:«الصفاتُ قد تقوم بما ليس بجسم، وأما العلو على العالم؛ فلا يصح إلا إذا كان جسماً، فلو أثبتنا عُلوه؛ للزم أن يكون جسماً، وحينئذٍ؛ فالأجسام متماثلة؛ فيلزم: التشبيه».
فلهذا تجدُ هؤلاء يُسمُّون من أثبت العلو، ونحوه: مشبِّهاً، ولا يسمُّون مَنْ أثبت السمع، والبصر، والكلام، ونحوه: مشبِّهاً، كما يقوله صاحب «الإرشاد»(١)، وأمثاله.
(١) «الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد» ص ٣٩، وصاحبه هو أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني، العلامة، شيخ الشافعية، المشهور ب «إمام الحرمين»، ولد في سنة ٤١٩ هـ-، سمع الحديث، وكانت عنايته به ضعيفة، وتفقه على والده، وبرع في الفقه، والأصول، والكلام، وكان من أئمة الأشاعرة، ومن الأذكياء المعدودين، جاور في «الحرم» أربع سنين، ثم عاد إلى «نيسابور»، وتولى التدريس في المدرسة «النِّظَامية» إلى وفاته. =