وبيان هذا، أن صفاتنا منها ما هي أعيان وأجسام، وهي أبعاض لنا؛ كالوجه واليد؛ ومنها ما هي: معانٍ وأعراض، وهي قائمة بنا؛ كالسمع، والبصر، والكلام، والعلم، والقدرة.
ثم إن من المعلوم أن الرب لما وصف نفسه بأنه: حي، عليم، قدير، لم يقل المسلمون:«إن ظاهر هذا غير مراد؛ لأن مفهوم ذلك في حقه مثل مفهومه في حقنا»؛ فكذلك لما وصف نفسه بأنه خلق آدم بيديه؛ لم يوجب ذلك أن يكون ظاهره غير مراد، لأن مفهوم ذلك في حقه كمفهومه في حقنا؛ بل صفة الموصوف تناسبه.
فإذا كانت نفسه المقدسة ليست مثل ذوات المخلوقين؛ فصفاته كذاته ليست مثل صفات المخلوقين، ونسبة صفة المخلوق إليه، كنسبة صفة الخالق إليه، وليس المنسوبُ كالمنسوبِ، ولا المنسوب إليه كالمنسوب إليه؛ كما قال النبي ﷺ:«ترون ربكم كما ترون الشمسَ، والقمرَ» فشبَّه الرؤية بالرؤية، لا المرئي بالمرئي.