[لا بد من فرق في نفس الأمر بين ما يثبت لله وما ينفى عنه؛ فلا يكفي الاعتماد في نفي ذلك على السمع]
فإنه يقال لمن نفى ذلك مع إثبات الصفات الخبرية وغيرها من الصفات: ما الفرق بين هذا، وبين ما أثبته، إذا نفيت التشبيه، وجعلت مجرد نفي التشبيه كافياً في الإثبات؟
فلا بدَّ من إثبات فرق في نفس الأمر.
فإن قال:«العمدة في الفرق هو السمع، فما جاء السمع به أثبته، دون ما لم يَجِئْ به السمع».
قيل له:«أولاً: السمعُ هو خبرُ الصادق عمَّا هو الأمر عليه في نفسه، فما أخبر به الصادق؛ فهو حقٌ مِنْ نفي أو إثباتٍ، والخبرُ دليلٌ على المخبَر عنه، والدليلُ لا ينعكس، فلا يلزمُ مِنْ عدمه عدم المدلول عليه، فما لم يرد به السمعُ يجوز أن يكون ثابتاً في نفس الأمرِ، وإن لم يرد به السمعُ؛ إذا لم يكن قد نفاه.
ومعلوم أنَّ السمعَ لم ينفِ كلَّ هذه الأمورِ بأسمائها الخاصة، فلا بدَّ مِنْ ذكر ما ينفيها مِنْ السمع، وإلا فلا يجوز حينئذٍ نفيها، كما لا يجوز إثباتها».