وبهذا يتبين: أن التشابه يكون في الألفاظ «المتواطئة»، كما يكون في الألفاظ «المشتركة» التي ليست بمتواطئة، وإنْ زال الاشتباه بما يميِّز أحد المعنيين من إضافة، أو تعريف، كما إذا قيل:«﴿فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَّاء﴾ [محمد: ١٥]» فهنا قد خص هذا الماء بالجنة؛ فظهر الفرق بينه وبين ماء الدنيا، لكن حقيقة ما امتاز به ذلك الماء؛ غير معلوم لنا؛ وهو - مع ما أعد الله لعباده الصالحين مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر - مِنَ التأويل الذي لا يعلمه إلا الله.
وكذلك مدلول أسمائه وصفاته التي يختص بها، التي هي حقيقته؛ لا يعلمها إلا هو.
ولهذا كان الأئمة؛ كالإمام أحمد، وغيره؛ ينكرون على الجهمية وأمثالهم - مِنَ الذين يحرفون الكلم عن مواضعه -؛ تأويل ما تشابه عليهم من القرآن على غير تأويله، كما قال الإمام أحمد في كتابه الذي صنفه في «الرد على الزنادقة والجهمية، فيما شكَّت فيه من متشابه القرآن، وتأولته على غير تأويله».
وإنما ذمهم لكونهم تأوَّلوه على غير تأويله، وذكر في ذلك ما يشتبه عليهم معناه، وإن كان لا يشتبه على غيرهم، وذمهم على أنهم