أي: وإن كان ابتداء الأمر مِنْ قِبل الملِك؛ فإن الكاتب، والحاجب، والخادم، ونحوهم؛ له تأثير في هذا الأمر، ومشاركة فيه.
حتى إن الشفاعة عند المخلوق تتضمن نوع شَرِكة للشافع مع المشفوع عنده، وأما الشافع عند الله تعالى؛ فلا مُلك له؛ بل الشفاعة كلها لله تعالى، فلا أحد يشفع عنده إلا بإذنه، ولكن الشافع عند المَلِك من البشر له مشاركة؛ لأن المشفوع عنده؛ يمكن أن يشفِّع أو يستجيب لهذا الأمر المطلوب؛ وإن كان كارهاً؛ لأنه يرجو هذا الشافع، أويخافه.
ففرق بين ورود هذه الصيغة في حق الله سبحانه، وورودها في حق المخلوق.
قوله:(ولا يعلمون حقائق ما أراد بخلقه وأمره من الحكمة، ولا حقائق ما صدرت عنه من المشيئة والقدرة) فكل هذا لا يعلمه العباد، وإن علموا أصل المعنى؛ وهو: أن هذا الفعل صادر عن قدرته ومشيئته، ولكن لا نتصور كُنْهَ وحقيقة قدرته تعالى وحكمته، ونحن نعلم شيئاً من الحكمة في حدود ما بيَّنه سبحانه، وما هدانا إليه، ولكن لا نسبة لما عَلِمنا إلى ما لا نعلم من ذلك.