للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهما قولان للمفسرين، والأقرب لظاهر القرآن أنها كأيامنا: الأحد،


= وقال الطبري في «تاريخه» ١/ ٤٢: «فإن قال قائل: وما دليلك على أن الأيام الستة التي خلق الله فيهن خلقه كان قدر كل يوم منهن قدر ألف عام من أعوام الدنيا، دون أن يكون ذلك كأيام أهل الدنيا التي يتعارفونها بينهم، وإنما قال الله ﷿ في كتابه: ﴿الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ﴾ [الفرقان: ٥٩]، فلم يعلمنا أن ذلك كما ذكرتَ؛ بل أخبرنا أنه خلق ذلك في ستة أيام، والأيام المعروفة عند المخاطبين بهذه المخاطبة؛ هي: أيامهم التي أول اليوم منها طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ومِن قولك: «إن خطاب الله عباده بما خاطبهم به في تنزيله؛ إنما هو مُوَجَّه إلى الأشهر والأغلب عليه من معانيه، وقد وجَّهْتَ خبر الله في كتابه عن خلقه السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام إلى غير المعروف من معاني الأيام»، وأَمْرُ الله ﷿ إذا أراد شيئا أن يُكَوِّنه أنفذ وأمضى من أن يوصف بأنه خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام مقدارهن ستة آلاف عام من أعوام الدنيا، وإنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له: «كن»؛ فيكون، وذلك كما قال ربنا : ﴿وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَر (٥٠)﴾ [القمر: ٥٠]؟
قيل له: قد قلنا فيما تقدم من كتابنا هذا: «إنا إنما نعتمد في معظم ما نرسمه في كتابنا هذا على الآثار والأخبار عن نبينا ، وعن السلف الصالحين قبلنا، دون الاستخراج بالعقول والفكر؛ إذ أكثره خبر عما مضى من الأمور، وعما هو كائن من الأحداث، وذلك غير مدرك علمه بالاستنباط والاستخراج بالعقول».
فإن قال: «فهل من حجة على صحة ذلك من جهة الخبر»؟ قيل: «ذلك ما لا نعلم قائلا من أئمة الدين قال خلافه».
فإن قال: «فهل من رواية عن أحد منهم بذلك»؟ قيل: «عِلْمُ ذلك عند أهل العلم من السلف؛ كان أشهر من أن يحتاج فيه إلى رواية منسوبة إلى شخص منهم بعينه، وقد روي ذلك عن جماعة منهم مُسَمَّين بأعيانهم».
فإن قال: «فاذكرهم لنا». قيل: «حدثنا … » ثم ساق آثاراً عن ابن عباس، والضحاك، وكعب، ومجاهد، ثم قال: «فهذا هذا. وبعد؛ فلا وجه لقول قائل: «وكيف يوصف الله تعالى ذكره بأنه خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، قدر مدتها من أيام الدنيا ستة ألاف سنة، وإنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون»؟ =

<<  <   >  >>