وهو الخلق - كما تكتسب العِلةُ وصفَ العِلِّية باعتبار وجودِ المعلول، وكما يكتسب الأبُ وصفَ الأبوةِ بوجود ابن له.
ومن أسباب منع إطلاق لفظ «العلة الأولى» على الرب تعالى - والتي يقصد بها الفلاسفة:«العِلة التامة التي يستلزم وجودها وجود المعلول» - أنه يلزم من هذا اللفظ: أن وجود الرب يستلزم وجود المخلوقات، وهذا باطل؛ لأن وجود الله تعالى لا يلزم منه وجود مخلوقاته، ولهذا نَجِد الفلاسفة الذين أطلقوا هذا اللفظ والوصف على الله تعالى؛ قالوا بقدم العالم لهذا السبب.
فالفلاسفة لا يصفون الله تعالى بصفات الإثبات؛ بل بالسلوب، والإضافات، ويجعلونه؛ هو (الوجود المطلق بشرط الإطلاق)(١) أي: وجود لا يقيد بأي صفة؛ بل يقيد بالإطلاق، أي: بأن يقال: هو «الوجود المطلق»، وهو ما يقابل «الوجود المعين»، كما لو قلت:«الإنسان»، فهذا مطلق لا بشرط الإطلاق، أي: غير مقيد.
وإذا قلت:«الإنسان المطلق»، فهذا مطلق بشرط الإطلاق، أي: مقيد بالإطلاق، ولا يمكن وجوده في الخارج، بخلاف ما لو قلت:«إنسان» دون تقييده بالإطلاق، فإنه يوجد في الخارج معيناً، ويمكن أن تقيده أيضاً ببعض الصفات، كما لو قلت:«إنسان كبير»، أو «أسود»، ونحو ذلك.
(١) «شرح حديث النزول» ص ٩٧، و «درء التعارض» ١/ ٢٨٦ و ٣/ ٣٦٢، و «منهاج السنة» ٢/ ١٨٧، و «الصفدية» ص ١٤١.