للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهكذا الفلاسفة ينفون عن الله الصفات بشبهة أن إثباتها يلزم منه التركيب.

وكلُّ من نفى شيئاً مما جاء به الرسول فراراً من شيء؛ فلا بد أن يقع في نظيره، أو في شرٍّ مما فرَّ منه، ولو أن هؤلاء جميعهم أمعنوا النظر؛ لسووا بين المتماثلات، وفرقوا بين المختلفات، كما هو مقتضى العقول السليمة المتجردة عن الأهواء المضلة، والتعصب.

كما قال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [الجاثية: ٢١]، وقال تعالى: ﴿أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّار (٢٨)[ص].

ومن أدلة مناقضة مذهب الفلاسفة للمعقول: تسويتهم بين المختلفات، كما سووا بين الصفات، وجعلوا هذه الصفة هي الصفة الأخرى، كما سبق (١).

ومن أدلة مناقضة مذهب المعتزلة للمعقول: تفريقهم بين المتماثلات، كما فرقوا في الإثبات بين أسماء الله وصفاته، فأثبتوا الأسماء ونفوا الصفات، كما سبق (٢).

فلو أن هؤلاء كانوا من أصحاب النظر الصحيح، والعقل الصريح؛ لما وقعوا في هذا التناقض، وَلَكَانوا من الذين أوتوا العلم الذين يرون أن ما أنزل إلى الرسول هو الحق من ربه ويهدي إلى صراط العزيز الحميد.


(١) ص ١٣٩.
(٢) ص ١٤٠.

<<  <   >  >>