وأما إذا قطع لفظ (الحي) عن (الإضافة) إلى الخالق أو المخلوق؛ فإنه يدل على معنى لفظ الحيِّ الكليِّ المشتركِ الذي هو مسمى الاسم المطلق، والذي لا وجود له إلا في الذهن، فليس في الخارج شيء اسمه (الحي) مشترك بين الخالق والمخلوق، ولكن العقل يفهم قدراً مشتركاً للفظ (الحي)، وهذا المعنى المشترك ثابت في حق الخالق كما هو ثابت في حق المخلوق، ولا بدَّ من هذا حتى تُفهم الألفاظ.
فإذا قلنا:(الحي) - مطلقاً دون إضافة إلى الخالق أو المخلوق - فإن مدلول هذه الكلمة: وجود حياة، أي: ضد الموت.
أما إذا أضيف إلى الله تعالى؛ كما في قوله سبحانه:(﴿اللّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾)؛ فإنا نفهم من لفظ (الحي) أنه تعالى ذو حياة، التي هي ضد الموت، وهذا مدلول اللفظ العام، كما أنا نفهم - أيضاً - أنه ذو حياة كاملة، لا يعتريها موت ولا نقص، فهي حياة واجبة، لا يعتريها الحدوث ولا العدم، ولا يعلم العباد كُنهها، وهذا مدلول اللفظ الخاص، أي: المضاف إلى الله تعالى.
كذلك إذا أضيف اسم (الحي) إلى المخلوق، كما في قوله تعالى:(﴿يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ﴾)؛ فإنا نفهم من اللفظ: الحياة التي هي ضد الموت، وهذا مدلول اللفظ العام ل (الحي)، كما أنا نفهم منه - أيضاً - أنها حياة حادثة بعدَ أن لم تكن، وأنها قابلة للفناء، ومعرضة للعلل والآفات، وهي حياة موهوبة من الله تعالى؛ كما قال تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ﴾ [الجاثية: ٢٦]، وهذا مدلول اللفظ الخاص المضاف إلى المخلوق.