قيل له:«وكذلك يمكن أن تفسر معاني ما تثبته من صفات الله تعالى بمعاني صفات المخلوقين؛ كأن يقال في الإرادة إنها: ميل النفس إلى جلب منفعة، أو دفع مضرة».
فإن قال:«الإرادة بهذا المعنى إرادة المخلوق»، قيل له:«والغضب بالمعنى الذي فسرته غضب المخلوق».
فلا يلزم من نفي معنى الصفة المختصِ بالعبد؛ نفيُ المعنى الحق اللائق بالله تعالى، فعليك كما أثبت إرادة تليق بالله ليست كإرادة المخلوق - وهكذا في بقية الصفات التي تثبتها - عليك؛ أن تثبت لله غضباً يليق به تعالى ليس كغضب المخلوق، وهكذا في سائر الصفات التي تنفيها؛ بحجة استلزامها للتشبيه.
وبياناً لتناقض هذا المفرِّق - وهو الأشعري - فإنه يحتج عليه بكلامه مع خصمه المعتزلي الذي ينفي الصفات التي يثبتها هو، فإذا قال المعتزلي للأشعري:(ليس لله تعالى إرادة، ولا كلام قائم به؛ لأن هذه الصفات لا تقوم إلا بالمخلوقات).
فإن هذا الأشعري الذي يثبت الكلام والإرادة لله تعالى يرد على المعتزلي بقوله:(إن هذه الصفات يتصف بها «القديم»، ولا تكون كصفات المحدثات).