للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قلت: «إنما يمتنع نفي النقيضين عمَّا يكون قابلاً لهما، وهذان يتقابلان تقابل العَدَمِ والمَلَكَةِ، لا تقابل السَّلْبِ والإيجاب، فإنَّ الجِدار لا يقال له: أعمى ولا بصير، ولا حي ولا ميت؛ إذ ليس بقابل لهما».

قيل لك: «أولاً: هذا لا يصح في الوجود والعَدَم، فإنهما متقابلان تقابل السَّلب والإيجاب، باتفاق العقلاء، فيلزم من رفع أحدهما؛ ثبوت الآخر.

وأما ما ذكرته من الحياة والموت، والعلم والجهل؛ فهذا اصطلاحٌ اصْطَلَحَتْ عليه المتفلسفةُ المشَّاؤون، و «الاصطلاحاتُ اللفظية؛ ليست دليلاً على نفي الحقائق العقلية»، وقد قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُون (٢٠) أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُون (٢١)[النحل] فسمى الجماد ميتاً، وهذا مشهورٌ في لغة العرب، وغيرهم».

هذا اعتذارٌ ممن ينفي النقيضين عن إلزامه تشبيه الله تعالى بالممتنعات، حيث قال: «إن هذا الإلزام يلزم مَنْ ينفي النقيضين عن القابل لهما، أمَّا ما ليس قابلاً لهما؛ فيجوز نفيهما عنه، فالجدار - مثلاً -

لما كان غيرَ قابلٍ للحياة والموت، والعمى والبصر، ونحو ذلك؛ صح نفي هذين المتقابلين عنه، فيقال: «ليس بحي ولا ميت، ولا أعمى ولا

<<  <   >  >>