للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويُرد على من نفى النقيضين عن الله - بنفيه الصفة وضدها - بحجةِ أنَّ اللهَ غيرُ قابل للاتصاف بذلك؛ بجوابين (١):

الجواب الأول: المنع، والجواب بالمنع من ناحيتين:

١ - لو سلمنا صحةَ نفي النقيضين عن الله تعالى على أنهما يتقابلان تقابل العدم والملكة في الصفات؛ فإنه لا يصح في الوجود والعدم؛ لأنهما متقابلان تقابل السلب والإيجاب، لا تقابل العدم والملكة باتفاق العقلاء؛ فإنه يلزم من رفع أحدهما؛ ثبوت الآخر في أي شيء.

٢ - (أن ما ذكرته مِنْ أنَّ الحياة والموت، والعلم والجهل)؛ يصحُ نفيهما عما ليس قابلاً لهما: (اصطلاح اصطلح عليه الفلاسفة المشَّاؤون) أتباع أرسطو - وسموا بذلك لأنهم يتعلمون فلسفتهم حال مشيهم (٢) - فهو اصطلاحٌ فلسفي، وليس حكماً عقلياً ولا شرعياً، والاصطلاحاتُ اللفظية لا تدل على نفي الحقائق العقلية، ولا تغير منها شيئاً.

فدعوى أنه يجوز نفي هذه المتقابلات عمَّا ليس قابلاً لها؛ كما مثلوا في نفي الحياة والموت عن الجدار، هذا اصطلاح فلسفي،


(١) سيذكر ابن تيمية هذه الشبهة ويجيب عنها بجواب أطول في «القاعدة السابعة» ص ٥٦٤، وكذا ذكرها في مواضع من كتبه. انظر الإحالة إليها في الموضع المشار إليه في «القاعدة السابعة».
(٢) «إخبار العلماء بأخبار الحكماء» ص ١٩، وفي «الملل والنحل» ٢/ ٨٧: «كان أفلاطون يلقِن الحكمةَ ماشياً تعظيماً لها، وتابعه على ذلك أرسطوطاليس، ويسمى هو وأصحابه: «المشائين».

<<  <   >  >>