وهؤلاء الباطنية منهم من يصرح برفع النقيضين: الوجود والعدم - ورفعُهما؛ كجمعِهما -، ومنهم من يقول:«لا أثبت واحداً منهما»، وامتناعُه عن إثبات أحدهما في نفس الأمر؛ لا يمنعُ تحققَ واحدٍ منهما في نفس الأمر، وإنما هو: كجهلِ الجاهل، وسكوتِ الساكت، الذي لا يُعبِّر عن الحقائق.
وإذا كان ما لا يقبل الوجود ولا العدم؛ أعظمَ امتناعاً مما يُقَدَّر قبوله لهما - مع نفيهما عنه - فما يُقَدَّر لا يقبل الحياة ولا الموت، ولا العلم ولا الجهل، ولا القدرة ولا العجز، ولا الكلام ولا الخرس، ولا العمى ولا البصر، ولا السمع ولا الصمم؛ أقرب إلى المعدوم والممتنع ممَّا يُقَدَّر قابلاً لهما مع نفيهما عنه.
وحينئذٍ؛ فنفيهما مع كونه قابلاً لهما؛ أقرب إلى الوجود والممكن، وما جاز لواجبِ الوجود قابلاً؛ وجب له؛ لعدمِ توقفِ صفاته على غيره، فإذا جاز القبول؛ وجب، وإذا جاز وجود المقبول؛ وجب، وقد بسط هذا في موضع آخر، وبُيِّنَ وجوب اتصافه بصفات الكمال التي لا نقص فيها بوجه من الوجوه.
يشير الشيخ هنا إلى مَنْ قال:«أنا أنفي النفي والإثبات»، فمنهم من يصرح بنفي النقيضين فيقول:«لا موجود ولا معدوم، ولا حي ولا ميت، ولا عالم ولا جاهل»، ومنهم من يقول:(أنا لا أثبت واحداً منهما)، أي: