وذلك أنه من المعلوم في صريح المعقول أنه ليس معنى كون الشيء عالماً؛ هو معنى كونه قادراً، ولا نفس ذاته؛ هو نفس كونه عالماً قادراً، فمن جوَّز أن تكون هذه الصفة هي الأخرى، وأن تكون الصفة هي الموصوف؛ فهو من أعظم الناس سَفسطة، ثم إنه متناقض؛ فإنه إن جَوَّز ذلك؛ جاز أن يكون وجودُ هذا هو وجود هذا، فيكون الوجودُ واحداً بالعَين لا بالنوع.
وحينئذٍ، فإذا كان وجود الممكن؛ هو وجود الواجب، كان وجودُ كلِّ مخلوقٍ - يعدم بعد وجوده، ويوجد بعد عدمه -؛ هو نفس وجود الحق القديم الدائم الباقي، الذي لا يقبل العدم.
وإذا قُدِّر هذا، كان الوجود الواجب موصوفاً بكلِّ تشبيه وتجسيم، وكلِّ نقص، وكلِّ عيب، كما يصرح بذلك أهل وحدة الوجود، الذين طَرَدُوا هذا الأصل الفاسد، وحينئذٍ؛ فتكون أقوال نفاة الصفات باطلة على كل تقدير.
يؤكد الشيخ ما سبق في رده على الفلاسفة في شبهة «التركيب»، فيبين أنه من المعلوم بصريح المعقول أنه ليس معنى كون الشيء عالماً؛ هو معنى كونه قادراً، وهذا فيه رد على الفلاسفة في قولهم:«إن العلم هو القدرة، والقدرة هي الإرادة، والإرادة هي الحياة»، فيجعلون