فكل من نفى شيئاً مما جاء في كتاب الله، أو سنة رسوله ﷺ من صفات الله تعالى، فراراً من محذور مُتوهم لديه؛ فلا بد أن يثبت ما يلزمه فيه نظير ما فر منه (١).
ولابد لهذا النافي أن يثبت:(موجوداً، واجباً، قديماً، متصفاً بصفات تميزه عن غيره، ولا يكون فيها مماثلاً لخلقه)، وإلا خرج إلى التعطيل والجحد المحض لوجود الرب تعالى.
وإذا أَثبت «موجوداً متصفاً بصفات تميزه عن غيره» ليس كسائر الموجودات، قيل له:(وهكذا القول في جميع الصفات)، فنثبتها على وجه يليق بالله تعالى، ليس مماثلا فيها لشيء من خلقه».
وبعد إثبات الأسماء والصفات؛ فلا بُدَّ أن يُعلم بأنها تَدل ويُفهم من معانيها:(قَدْرٌ مشترك تتواطأ) - أي: تتفق - (فيه المسمَّيات).
مثال ذلك: إذا قلنا: «اللهُ موجودٌ»؛ فإنه يدل على قدر مشترك يدل على مطلق الوجود، وهو مسمى الاسم المطلق:«وجود، أو: موجود»، فنفهم من قولنا:«اللهُ موجودٌ»: المعنى العام الكلي المشترك للفظ: «الوجود»، كما نفهم منها: ما يدل عليه التخصيص والإضافة إلى الرب تعالى؛ مثل: كونِ وجودِه: واجباً، قديماً، ونحو ذلك.
ولا بدَّ من هذا القدر المشترك الذي تتفق فيه المسميات، ولولا ذلك لما فهم الخطاب، فإذا قرأنا قوله تعالى: ﴿اللّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ [البقرة: ٢٥٥] فنفهم من قوله: ﴿الْحَيُّ﴾ قَدْراً مشتركاً، ومعنى عاماً، هو: مسمى الاسم المطلق للفظ: ﴿الْحَيُّ﴾، وهو: كونه ذو حياةٍ، والحياةُ ضد الموت.
(١) «شرح حديث النزول» ص ١١٢، و «مجموع الفتاوى» ٦/ ٤٥، و «الصفدية» ص ٣٢٧، و «درء تعارض العقل والنقل» ١/ ١٢٨.