للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا الاحتجاجُ والإلزام بالتسوية بين المتماثلات، وترك التناقض: لازمٌ حتى في العقليات، وفي تأويل السمعيات.

فإن من نفى شيئاً، أو أثبت شيئاً من صفات الله تعالى بالعقل، فإنه يُلزم فيما نفاه من الصفات الثابتة لله تعالى في الكتاب والسنة؛ بنظير ما أثبته، والعكس كذلك، وإلا وقع في التناقض، كما سبق أن «القول في بعض الصفات كالقول في بعض» (١). كما سبق - أيضاً - الجواب عمَّن زعم أن العقل يدل على إثبات بعض الصفات دون بعض (٢).

ولو طُولب هذا المفرق بين الصفات بين المحذور في هذا، والمحذور في هذا؛ لم يجد فرقاً صحيحاً؛ بل هو متناقض، وحجته داحضة، وإذا كان الأمر كذلك؛ وجب إثبات كل ما جاء به الدليلُ الصحيح السالمُ عن المعارض من صفات الله تعالى.

ولهذا لا يُوجد لنفاة بعض الصفات دون بعض قانونٌ وقاعدة مطردة مستقيمة؛ بل هم متناقضون - كما سبق - فيثبتون بعض الصفات على ظاهرها، وينفون بقية الصفات، ويمنعون إجراءها على ظاهرها؛ فهم مفرقون بين الصفاتِ، ونصوصِ الصفات دون قانونٍ مستقيم، وليس لهم جوابٌ صحيح عن هذا التناقض الظاهر في التفريق بين المتماثلات.


(١) ص ١٧٢.
(٢) ص ١٧٨.

<<  <   >  >>