وما يحتجُ به أهلُ الإيمان والإثبات على هؤلاء الملاحدة؛ يحتجُ به كلُّ من كان من أهل الإيمان والإثبات على مَنْ يَشرك هؤلاء في بعض إلحادهم، فإذا أثبت لله تعالى الصفات، ونفى عنه مماثلة المخلوقات، كما دلَّ على ذلك الآيات البينات؛ كان ذلك هو الحق الذي يوافق المنقول والمعقول، ويهدمُ أساسَ الإلحادِ والضلالات.
يذكرُ الشيخُ هنا موازنة بين الباطنيةِ، وأهلِ الكلام.
فأهلُ الكلام شاركوا الباطنيةَ، والفلاسفةَ في نفي ما نفوا من الصفات على اختلاف طوائفهم، كما شاركوا أهل السنة في الإيمان باليوم الآخر.
فكلُّ ما يُرد به على الباطنية في إلحادهم وتحريفهم؛ يُرد به على من شاركهم في بعض إلحادهم وتحريفهم، فإذا قيل للباطنية:«إن تحريفكم لنصوص الشرع باطلٌ ومخالف للمعقول والمنقول واللغة»، يقال لمن حرَّف معاني نصوص الصفات أو بعضها:«إن تحريفكم لها ونفيكم لحقيقة معناها مخالفٌ للمعقول والمنقول واللغة»، وهكذا.
ولهذا تسلَّط عليهم الفلاسفة، واحتجوا عليهم بتأويلهم لنصوص الصفات على ما تأولوه من نصوص المعاد والشرائع.