فلا يجوز أن يُستعمل في حق الرب تعالى هذا القياس، وإنما يستعمل في حقه: قياس الأولى؛ كما قال تعالى: ﴿وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ﴾ [النحل: ٦٠].
و (المثل الأعلى)؛ هو:«الوصف الأكمل»، فله المثل الأعلى في الواقع، وفي قلوب المؤمنين.
و (المثل الأعلى)؛ يتضمن قياس الأَولى؛ وهو:«أنَّ كلَّ كمالٍ ثبت للمخلوق لا نقص فيه؛ فالخالقُ أَولى به».
فمثلاً: نقول: «العلمُ صفة كمال، والمخلوقُ يتصف بالعلم؛ فالخالقُ أَولى بالاتصاف بصفة الكمال هذه من المخلوق، لئلا يكون المخلوقُ أكملَ من الخالق».
وتقييدُ الكمال بكونه (لا نقص فيه) احترازٌ من بعض الكمالات التي يوصف بها المخلوق وهي كمال في حقه، ولكنها تتضمن نقصاً، فالإنسانُ الذي يولد له؛ أكملُ من العقيم، والإنسانُ الذي يأكل الطعام؛ أكملُ من المريض الذي لا يأكل.
ولكن هذا الكمال يستلزم نقصاً في المخلوق، فالولدُ يستلزم التجزؤ في الإنسان؛ لأن الولد جزء من الوالد، كما أنه يستلزم النظير، فالولدُ نظيرُ والده، ويستلزم الحاجة من وجه؛ كحاجته إليه في معونته مثلاً، كما أنَّ الأكل يستلزم الحاجة إلى الطعام.
وكذلك كل ما تنزه عنه المخلوق من صفات النقص؛ فالخالقُ أولى بأن ينزه عنه.