فيقولون في الروح؛ إنها:(لا داخل البدن ولا خارجه، ولا مباينة له ولا مداخلة له، ولا متحركة ولا ساكنة، ولا تصعد ولا تهبط، ولا هي جسم ولا عَرَض)!.
وقد يقولون:(إنها لا داخل العالم ولا خارجه، ولا مباينة له ولا مداخلة)!، ونحو ذلك من العبارات التي نجدُ أنَّ بعضها مقاربٌ لبعضٍ في المعنى، وأكثرُها دالةٌ على سلب النقيضين، مما لا يوصف به إلا المعدوم، الممتنع.
وقد يقولون: إن الروح «لا تدرِك الأمور المعينةَ والحقائقَ الموجودة في الخارج» - أي: أنها لا تدرك شيئاً من الموجودات المشاهدة -، «وإنما تدرك الأمور الكلية المطلقة». أي: المعاني الكلية التي لا توجد إلا في الذهن؛ كالمعنى المفهوم من كلمة:«إنسان»، أو «حيوان»، أو «وجود»، ونحو ذلك من المعاني الكلية المشتركة.
ويلاحظ أن هذا القول؛ هو في المعنى: نَفْسُ قولهم: «إن الله تعالى يعلم الكليات دون الجزئيات»!، وهذا المعنى باطل؛ فإن الروح حقيقة قائمة بنفسها، ولها إدراك.
وبهذا يتبين أن حقيقة مذهب الفلاسفة؛ إنكار الروح، وإن زعموا أنهم يُقِرون بها؛ لأنهم وصفوها بما يمتنع وجوده.
الثالث: من الأقوال في الروح: القول الحق؛ وهو:«أن الروح حقيقة موجودة قائمة بنفسها، موصوفة بصفات»، مثل: أنها تذهب وتجيء، وتصعد وتهبط، وتُقبض وتُرسل، وتُنَعَّم وتُعَذَّب، وهي: