للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك قوله: ﴿لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ﴾ [الأنعام: ١٠٣]، إنما نفى الإدراكَ؛ الذي هو الإحاطة، كما قاله أكثر العلماء، ولم ينفِ مجرد الرؤية؛ لأنَّ المعدوم لا يُرى، وليس في كونه لا يُرى؛ مدحٌ، إذ لو كان كذلك؛ لكان المعدوم ممدوحاً!.

وإنما المدح في كونه لا يُحاط به وإن رُئي، كما أنه لا يحاط به وإن عُلم، فكما أنه إذا عُلم لا يحاط به علماً؛ فكذلك إذا رُئي لا يحاط به رؤية.

فكان في نفي الإدراك مِنْ إثبات عظمته ما يكون مدحاً وصفةَ كمال، وكان ذلك دليلاً على إثبات الرؤية لا على نفيها، لكنه دليلٌ على إثباتِ الرؤية مع عدم الإحاطة، وهذا هو الحق الذي اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها.

دلت الآية على نفي إدراك الأبصار لله تعالى.

وقد اختلف المفسرون في الآية على قولين (١):

القول الأول: أن نفي الإدراك؛ يعني: نفي الرؤية بالأبصار.

وهذا يحمل على أحد أمرين (٢):


(١) «تفسير الطبري» ٩/ ٤٥٩، و «تفسير البغوي» ٣/ ١٧٤، و «زاد المسير» ٣/ ٩٨.
(٢) «تفسير الطبري» ٩/ ٤٦٤ - ٤٦٥.

<<  <   >  >>