فالطائفة الأولى: الجهمية المحضة - وهم غلاة الغلاة - الذين ليس عندهم شائبة إثبات، وهم الذين يصفون الله تعالى بسلب النقيضين، فيقولون:(ليس بموجود ولا ليس بموجود، ولا حي ولا ليس بحي)، فيصفون الله بالنفي، ونفي النفي.
وقولهم:(ليس بموجود ولا ليس بموجود)؛ يساوي قولهم:«لا موجود ولا معدوم»؛ لأن جملة ليس بموجود، بمعنى: معدوم، ووصفهم لله تعالى بذلك ممتنعٌ في بداهة العقول، كالجمع بين النقيضين، وسلب النقيضين، وهؤلاء هم: الباطنية.
والطائفةُ الثانية: الذين يصفون الله تعالى بالنفي فقط، فيقولون:(ليس بحي، ولا سميع، ولا بصير)، وضلالُ هؤلاء يظهر من وجهين:
أحدهما: أن سلب صفات الكمال عن الله تعالى؛ يلزم منه اتصافه بضدها من النقائص.
الثاني: زعمهم في الرد على هذا الإلزام أن الله تعالى غيرُ قابل للاتصاف بهذه الصفات، ولا ضدها.
وقول الشيخ:(وهؤلاء أعظم كفراً من أولئك من وجه، وأولئك أعظم كفراً من هؤلاء من وجه) يريد بإشارة القريب: الذين يصفون الله بالنفي فقط، وهم: الجهمية.