للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يتمنع خلوه عن هذين النقيضين، وموجودٍ متحيزٍ يمتنع خلوه عن هذين النقيضين؛ تقسيم باطل.

الثاني: أن المتحيز؛ إما أن يراد به ما تحيط به الأحياز، والأمكنة، والظروف الوجودية، وهذا هو الداخل في العالم.

وإما أن يراد به المنحاز عن العالم، وهذا هو الخارج عنه.

فإذا قالوا: (إنه ليس بمتحيز)، والتحيز يطلق على المعنيين السابقين؛ صار معناه: أنه لا داخل العالم ولا خارجه، فاحتجوا على الدعوى بالدعوى، فأصل دعواهم: أن الله تعالى لا داخل العالم ولا خارجه، فلما قيل لهم: «إن هذا سلب للنقيضين، وهو ممتنع».

قالوا: «إنما يكون ممتنعاً لو كان قابلاً، والله تعالى ليس بقابل؛ لأنه غير متحيز؛ فلا يكون ممتنعاً»، فاحتجوا على دعواهم بأنه لا داخل العالم ولا خارجه: بدعواهم بأنه غير متحيز، ومعنى: «غير متحيز» ليس بداخل العالم ولا خارجه، فالعبارتان معناهما واحد، وإنما غيروا العبارة إيهاماً لمن لا يفهم حقيقة قولهم بأن معنى: (ليس بمتحيز): «لا داخل العالم ولا خارجه».

فكأنهم قالوا: «إنه تعالى لا داخل العالم ولا خارجه، وليس هذا بممتنع؛ لأنه لا داخل العالم ولا خارجه»!

وقوله: (وهو المعنى الذي عُلِم فساده بضرورة العقل).

يريد أن قولهم: (ليس بمتحيز) هو نفس المعنى الفاسد الذي علم فساده بضرورة العقل، وهو قولهم: (لا داخل العالم ولا خارجه)، كما

<<  <   >  >>