وما تنازع فيه المتأخرون، نفياً وإثباتاً، فليس على أحد؛ بل ولا له: أن يوافق أحداً على إثبات لفظ أو نفيه؛ حتى يعرف مراده، فإن أراد حقاً؛ قُبل، وإن أراد باطلاً؛ رُدَّ، وإن اشتمل كلامه على حق وباطل؛ لم يقبل مطلقاً، ولم يرد جميع معناه؛ بل يوقف اللفظ ويفسر المعنى، كما تنازع الناس في:«الجهة»، و «التحيز»، وغير ذلك.
يذكر الشيخ هنا حكم الألفاظ المحدثة في صفات الله تعالى، وهو مما تنازع فيه المتأخرون.
فما كان كذلك؛ فإنه لا يجوز قبوله، بل يجب التوقف فيه، والاستفصال عن مُراد المتكلم به، (فإن أراد حقاً؛ قُبل، وإن أراد باطلاً؛ رُدَّ)، وإن أراد حقاً وباطلاً؛ فُسِّر وفُصِّل: فيقبل ما أراد من الحق، ويرد ما أراد من الباطل (١).
ثم يقال بعد ذلك لمن أراد بهذه الألفاظ معنى صحيحاً: ما أردته حق، ولكن التعبير عنه بهذه الألفاظ؛ خطأ، لأنها لم ترد في الكتاب ولا في السنة، ولأنها ألفاظ مجملة تحتمل حقاً وباطلاً، وذكر الشيخ مثالين لتوضيح هذه القاعدة، وهما لفظا:(الجهة)، و (التحيز).
(١) «درء تعارض العقل والنقل» ١/ ٧٦ و ٢٢٩ و ٢٣٨، و ٥/ ٥٨، و «مجموع الفتاوى» ٣/ ٣٤٧، و ٥/ ٣٠٥، و ١٢/ ١١٤، و «منهاج السنة» ٢/ ٢١٧ و ٥٥٤.