وقد كتب علماء أهل السنة في ذلك كتباً يتعذَّر على العادِّ حصرها، وكان الإمامُ، أبو العباس، أحمد ابن تيمية ﵀ له اليد الطولى في ذلك، فقد كتب في نشر العقيدة الصحيحة، والدفاع عنها، وكشف شبهات المخالفين بأنواعهم؛ كتباً كثيرة، كان من أحسنها كتابُ:«تحقيق الإثبات للأسماء والصفات، وبيان حقيقة الجمع بين القدر والشرع»(١)، المشهور ب «العقيدة التدمرية»، أو «الرسالة التدمرية»، وهو كتاب نفيس، حافلٌ بتقريرِ مذهب أهل السنة والجماعة، والتقعيد له، والرد على أصناف المخالفين من الفلاسفة، والمتكلمين: عقلاً، ونقلاً.
ولما كان في الكتاب ردٌّ على هذه الطوائف، ودخولٌ في محاورات معها؛ كان فيه مواضع كثيرة قد يصعب على طالب العلم فهمها؛ لوجود مصطلحات وتعبيرات لم يسبق له دراستها، ولما كان هذا الكتاب المبارك قد قُرِّر تدريسه في بعض الجامعات في بلادنا؛ أصبح طلاب العلم بحاجة ماسة لشرح يسهِّل فهمه ويكشف عن غامضه، ويُظهر دُرَرَه.
وكان ممن تولَّى شرحه في هذا العصر: فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك حفظه الله فشرحه للطلاب في «كلية الشريعة» و «أصول الدين» بالرياض سنين عدداً، وكان قد سُجِّل الشرح صوتياً، وكُتِب في مذكرات؛ كان الطلاب يتداولونها بينهم، ثم اعتنى به تحقيقاً وتعليقاً الشيخ الدكتور سليمان بن صالح الغصن حفظه الله؛ حسب
(١) هكذا سماه مؤلفه شيخ الإسلام، كما في «مجموع الفتاوى» ١٦/ ٤٣٠.